فقام واستغفر الله عز وجل، وقام منصفاً بعدما جاء مطالباً مستنصفاً رضي الله تعالى الجميع، ونفعنا بهم.
ومنهم الشيخ الكبير المشهور أحمد بن الجعد المذكور في تلك الناحية سكن الطرية بالطاء المهملة، والراء والمثناة من تحت مشددة، قرية معروفة هنالك وهو القائل في قصيدة:
كافل للأنام بالشد مني ... من رآني، ومن رأى من آني
وقال في أخرى:
قد كان ذلك في الزجاجة باقياً ... وأنا الوحيد شربت ذاك الباقي
ومنهم في حضرموت الشيوخ الكبار المذكورون أولو الأنوار والأسرار المكنون عباد، وأبا معبد، وأبا عيسى.
من عجائب الآيات، وغرائب الكرامات، ما وقع بين الشيخين العارفين، السيفين القاطعين أعني أبا عيسى، واسمه سعيد وأحمد بن أبي الجعد المذكورين، وذلك أنه الشيخ أحمد المذكور في جمع من أصحابه على الشيح سعيد في وقت جاؤوا إلى زيارة بعض القبور الشريفة في حضرموت، فوافقه الشيخ سعيد وأصحابه على الزيارة ومشوا، فلما بلغوا بعض الطريق بد للشيخ سعيد أن يرجع في هذا الوقت، ويزور في وقت آخر، فرجع وأصحابه إلى موضعهم، واستمر الشيخ أحمد على عزمه حتى انتهى إلى مقصده، فزار ورجع، والشيخ سعيد مكث أياماً، ثم خرج هو وأصحابه إلى الزيارة المذكورة، فالتقى الشيخان وأصحابهما في الطريق، فقال الشيخ أحمد للشيخ سعيد: توجه عليك حق الفقراء في رجوعك، فقال: لا ما توجه علي حق، فقال له الشيخ أحمد بلى قد توجه عليك الحق، فقم وانصف، فقام الشيخ سعيد، وقال: من أقامنا أقعدناه، فقال الشيخ أحمد: ومن أقعدنا ابتليناه، وأصاب كل واحد منهما ما قاله صاحبه، فصار الشيخ أحمد مقعداً إلى أن لقي تعالى، وصار الشيخ سعيد مبتلى في جسمه ببلاء قطع جسمه حتى لقي الله تعالى رضي تعالى عنهما.
وهذه لعمري أحوال تكمل في جنب بعضها السيوف القماطية، وإنما يقطع الحالان معاً إذا كان صاحباهما متكافيين أو قريباً من التكافي فإن لم يكونا كذلك قطع القوي منهما الضعيف، وقد يقطع السابق دون المسبوق فيما يظهر، والله أعلم.
وإلى ما جرى لهما في هذه القضية مع ما لكل واحد منهما من الفضائل العديدة أشرت