ومنهم في مسجد الرباط الشيخ العلي المقام، الحبر الإمام، ذو الفضائل والمكارم، المعروف بالفقيه سالم من أصحاب الشيخ فقيه أهل عواجة، إليه أشرت بقولي:
وتاج المعالي سالم في رباطهم ... جزيل العطا مع ساعة وأفاضل
أعني جماعة من السادة معه في المسجد المذكور على ساحل على البحر.
وله ولد من السادات الكبار العارفين بالله، مطالع الأنوار، لما ولد رأى بعض أصحاب والده في الليل عمود نور متصلاً من بيته إلى السماء، فمنا من البيت لينظر ما سبب ذلك، ولم يكن لعلم بولادته، فسمع قائلاً يقول: يهنيكم الولد المبارك أما السر فسر أبيه، وأما السيرة فسيرة جده.
ومما وقع لوالد المذكور محمد بن سالم بن غرائب الآيات، وعجائب الكرامات في ضمن الفعل الذي هو في الظاهر مستقبح، وفي الباطن مستملح، وذلك ما شاع في بلادهم عند الفقراء المباركين.
وأخبرني به غير واحد من الصالحين أنه جاء إنسان من العرب إلى الشيخ الفقيه محمد بن سالم المذكور، وذكر له أنه كان له زوجة جميلة يحبها، فوقع بينه وبينها مخاصمة ومغاضبة وطلقها، وبانت منه بدون الثلاث، ثم ندم ندماً شديداً، وطلب أن ترجع إليه بنكاح جديد فامتنع أهلها، وكانوا من عرب تلك البلاد، فدخل عليهم، وألح في ذلك، فلم يقبلوا، ثم كلمه أن يرسل إليهم ويستحضرهم عنده، ويتكلم معهم، ويشفع له في أن يزوجوها منه فقال: يكون خيراً إن شاء الله تعالى، فطمع في قضاء حاجته لعلمه أنهم لا يخالفون الشيخ المذكور، فلما كان بعد يومين أو ثلاثة أبصر مملوكه زوجته تمشي بين بيوت المكان الذي الشيخ نازل فيه، ففرح بذلك فرحاً شديداً ظناً منه أنها جاءت مع سيدتها وأوليائها باستحضار الشيخ لهم بسببه، فسألها ما جاء بك إلى هنا. فذكرت له أنها جاءت مع سيدتها، وأن الشيخ المذكور تزوجها، فلما سمع منها ذلك طار عقله، وازداد كرباً على كرب، ثم قصد الشيخ الكبير الولي الشهير أحمد بن الجعد قدس الله روحه - إلى القرية التي هو فيها فشكا إليه ذلك، فاستعظم الشيخ أحمد ما وقع من الشيخ محمد واستقبحه، واشتد إنكاره عليه فيه، فجمع جمعاً كثيراً من الفقراء، وقصده مطالباً له بالإنصاف، وهو تلميذ والده سالم المذكور، فلما وصل إلى موضعه أقام أياماً في المسجد هو ومن معه من الفقراء، والشيخ محمد يصلي بالناس فيه، ويخرج لا يكلم بعضهم بعضاً، ثم فاتحه الشيخ محمد بالكلام، وقال له: ارفع رأسك، وانظر في اللوح المحفوظ تبصر فيه أولادي فلاناً وفلاناً وفلانة وعددهم وأسماهم من المرأة المذكورة فرفع الشيخ أحمد رأسه، فرأى ذلك،