رديفا وأن يكون الذي قبله واحداً، اذ الرديف يصدق على ذلك وفي الثاني قيد العيوف بكثرالوارد. قلت ومما ذكره المؤرخون ما يكره المتدين ذكره، استغفر الله من ذكره واسأل العافية من مثله، قالوا: قال كثيرة عزة لفتى مرة جميل بثينة فقال من أين أقبلت؟ فقلت من عند الحبيبة يعني بثينة، قال: الى أين تمضي؟ فقلت إلى الحبيبة يعني عزة، فقال لابد أن ترجع عودك على بدنك فتتخذ لي موعداً من بثينة، فقلت: عهدي بها الساعة وأنا أستحي أن أرجع، فقال: لا بد من ذلك. فقلت: ومتى عهدك ببثينة؟ فقال من أول الصيف وقعت سحابة بأسفل واد الروم، فخرجت ومعها جارية لها تغسل ثياباً، فلما أبصرتني أنكرتني فضربت يدها إلى ثوب في الماء فالتحفت به، وعرفتني الجارية فأعادت الثوب إلى الماء، وتحدثنا ساعة حتى غابت الشمس، وسألتها الموعد فقالت: اهلي سائرون، وما لقيتها بعد ذلك، ولا وجدت أحداً منه فأرسله إليها. قال كثير فقلت هل لك أن آتي الحي فأتعرض بأبيات شعر أذكر فيها هذه العلامة إن لم أقدرعلىالخلوة بها؟ قال: ذلك هو الصواب، قال فخرجت حتى أنخت بهم. فقال أبوها: ما ردك يا ابن أخي؟ قال قلت أبيات عرضت فأحببت أن أعرضها عليك. قال: هات. قال: فأنشدته شعراً، وبثينة تستمع، فقلت لها:

يا عز أرسل صاحبي ... إليك رسولاً والرسول موكل

بأن تجعلي بيني وبينك موعداً ... وأن تأمريني ما الذي فيه أفعل

وآخرعهدي منك يوم لقيتني ... بأسفل واد الروم والثوب يغسل

قال فضربت بثينة خدرها، وقالت: اخسأ اخسأ. فقال لها أبوها: مهيم: يا بثينة قالت: كلب يأتينا إذا نوم الناس من وراء الرابية، ثم قالت للجارية: ابغينا من الدومات حطباً لنذبح لكثير شاةً ونشويها له، فقال كثير: انا أعجل من ذلك وراح إلى جميل فأخبره، فقال له جميل موعدنا الدومات، وخرجت بثينة وصواحبها إلى الدومات، وجاء جميل وكثير إليهن فما برحوا حتى برق الصبح، وكان كثير يقول ما رأيت مجلساً قط أحسن من ذلك المجلس ولا مثل علم أحدهما بضمير الآخر ما أدري أيهما كان أفهم. وقال الحافظ أبو عيسى ابن عسكرفي تاريخه الكبير قال ابن الأنباري أنشدني أبي هذه الأبيات لجميل:

ما زلت أبغي الحي أطلب أهلهم ... حتى دفعت إلى رؤيبة هودج

فدنوت مختفياً ألم ببيتها ... حتى ولجت إلى حفى المولج

طور بواسطة نورين ميديا © 2015