وفيها توفي جميل بن عبد الله بن معمر الشاعر المشهور من بني عذرة صاحب بثينة أحد عشاق العرب، تعلق قلبه بها وهو غلام فلما كبر خطبها، فرد عنها، فقال الشعر فيها. قال المؤرخون ومنهم الحافظ ابن عساكر، وكان يأتيها ومنزلها بوادي القرى وله ديوان شعر كثير ذكره لها فيه فقيل له: لو قرأت القرآن كان أعود عليك من الشعر؟ فقال: هذا أنس بن مالك أخبرني أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: " إن من الشعر لحكمة " وبثينة أيضاً من بني عذرة وكانت تكنى أم عبد الملك والجمال والعشق في بني عنرة، قيل لرجل منهم ممن أنت؟ قال: من قوم إذا أحبوا ماتوا، فقالت جارية سمعته: هذا عذري ورب الكعبة وقيل لآخر: ما بال قلوبكم كأنها قلوب طير ينماع كما ينماع الملح في الماء؟ اما تتجلدون؟ فقال: انا ننظر إلى محاجرعيون لا تنظرون إليها. وذكر صاحب كتاب الأغاني أن كثيرعزة راوية جميل، وجميل راوية هدبة، وهدبة راوية الحطيئة، والحطيئة راوية زهير بن أبي سلمى وابنه كعب بن زهير، ومن شعر جميل:

وجزعاني أن تبماء منزل ... لليلى إذا ما الصيف ألقى المراسيا

فهذي شهور الصيف إن قد انقضت ... فما للنوى يرمي بليلى المراميا

قال ابن خلكان ومن الناس من يدخل هذه الأبيات في قصيدة مجنون ليلى، وليست له، وتيماء خاصةً منزل لبني عذرة، وفي هذه القصيدة يقول جميل:

وما زلتم تأبون حتى لو أنني ... من الشوق أستبكي الحمام بكى ليا

وما زادني الواشون إلا صبابة ... ولا كثرة الناهين إلا تماديا

ومن شعره أيضاً

يقضي الديون وليس ينجز موعدا ... هذا الغريم لنا وليس بمعسر

ما أنت بالوعد الذي تعدينني ... إلا كبرق سحابة لم تمطر

قلت والبيت الأول منهما وقول كثيرعزة، قضى كل في دين فوفى غريمه. وبيته المعروف، احدهما يستمد من الآخر، ومن شعر جميل:

وإني لأستحيي من الناس أن أرى ... رديفاً لوصل أوعلى رديف

وإني للماء المخالط للقذى ... إذا كثرت وراده لعيوف

قلت والبيت الثاني من هذين غير مناسب للأول منهما، فإنه في الأول كره لأن يكون

طور بواسطة نورين ميديا © 2015