على هجم بغداد، فانزعج الخليفة الناصر، وحصن بغداد، وأقام المجانيق، وأنفق ألف ألف دينار، فأعلم ابن خوارزم شاه أن الكرج قد خرجوا على بلاده، فساق إليهم والتقاهم، وظفر بهم، وقتل منهم سبعين ألفًا، ثم أخذ تفليس بالسيف، وقتل بها ثلاثين ألفًا، وكان قد أخذ تبريز بالأمان، وتزوج بابنة السلطان ابن سلجوق.

وفيها توفي أيضًا أبو الدر ياقوت بن عبد الله الرومي الملقب مهذب الدين الشاعر المشهور، اشتغل بالعلم، وأكثر من الأدب، وأجاد النظم، ولما تميز ومهر سمى نفسه الرحمن، قرأ القرآن وشيئًا من الأدب، وكتب خطًا حسنًا، وقال الشعر وأكثر النظم منه في المحبة والرقاق.

ومنه قوله:

خليلي لا والله ما جن عاشق ... وأظلم إلا حره وحر عاشق

إذا غاض دمعك والأحباب قد ماتوا ... فكل ما تدعي زور وبهتان

وكيف تأنس أو تنسى خيالهم ... وقد خلى منهم ربع وأوطان

لا أوحش الله من قوم نأوا فنأى ... عن النواظر أقمار وأغصان

ومنه قوله:

إلا من مبلغ وجدي بها وغرامي ... ومهد إلى دار السلام سلامي

وله ديوان شعر كبير. وذكر في بعض التواريخ أنه وجد ميتًا بمنزله ببغداد.

وفي السنة المذكورة توفي الخليفة الناصر لدين الله أبو العباس أحمد بن المستضيء

بأمر الله، كان فيه شهامة واقدام وعقل ودهاء، وتولى الخلافة في سنة خمس وسبعين وخمس مائة، وهو ابن ثلاث وعشرين سنة، وهو أطول بني العباس خلافة. كما أن الناصر لدين الله الأموي صاحب الأندلس أطول بني أمية دولة، وكما أن المستنصر بالله العبيدي أطول بني عبيد دولة، وكما أن السلطان سنجر ابن ملك شاه أطول بني سلجوق دولة، وكان الخليفة الناصر لدين الله مستقلاً بالأمور بالعراق متمكنًا من الخلافة يتولى الأمور بنفسه، حتى كان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015