وكان الغالب عليه علم النحو وتصانيفه مفيده منها شرح كتاب الإيضاح لأبي علي الفارسي وديوان المتنبي واعراب القرآن الكريم في جزأين وكتاب اعراب الحديث وكتاب شرح اللمع لابن جني وكتاب اللباب في علل النحو وكتاب اعراب شعر الحماسة وشرح المفصل للزمخشري شرحًا مفصلاً وشرح الخطيب النباتية والمقامات الحريرية، وصنف في النحو والحساب، واشتغل عليه خلق كثير، وانتفعوا به واشتهر اسمه في البلاد في حياته وبعد صيته، وحكى في شرح المقامات عند ذكر العنقاء أن أهل الرس كان بأرضهم جبل يقال له: دمح صاعد في السماء قد رميل، وكانت به طيور كثيرة، وكانت العنقاء طائرة عظيمة الخلق طويلة العنق لها وجه إنسان وفيها من كل حيوان شبه من أحسن الطير، وكانت تأتي في السنة مرة هذا الجبل، فتلتقط طيره، فجاعت في بعض السنين وأعوزها الطير، فانقضت على صبي، فذهبت به، فسميت عنقاء مغرب والمغرب الني يجيء بالغرائب لإبعادها بما تذهب به، ثم ذهبت بجارية أخرى، فشكى أهل الرسل إلى نبيهم حنظلة بن صفوان، فدعا عليها فأصابتها صاعقة، فاحترقت، والله أعلم انتهى.

قال بعض أهل العلم: هذا حنظلة بن صفوان نبي أهل الرس كان في زمن الفترة بين عيسى ونبينا صلوات الله وسلامه عليهما.

وذكر بعض المؤرخين، وهو الفرغاني نزيل مصر أن العزيز نزار بن المعز صاحب مصر اجتمع عنده من غرائب الحيوان ما لم يوجد عند غيره، فمن ذلك العنقاء، وهي طائر جاءه من صعيد مصر في طول البلسون، وأعظم جسما منه له غبب ولحية، وعلى رأسه وقاية، وفيه عدة ألوان، ومشابهة من طيور كثيرة.

وذكر الزمخشري في كتاب ربيع الأبرار في باب الطير، عن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما أن الله تعالى خلق في زمن موسى طائرة اسمها العنقاء، لها أربعة أجنحة من كل جانب، ووجه كوجه الإنسان وأعطاها من كل شيء قسطًا، وخلق لها ذكر أمثلها، وأوحي إليه إني خلقت طائرين عجيبين وجعلت رزقهما في الوحوش التي حول بيت المقدس وأنستك بهما وجعلتهما زيادة فيما فضلت به بني إسرائيل، فتناسلا، وكثر نسلهما، فلما توفي موسى عليه السلام انتقلت، فوقعت بنجدوا الحجاز، فلم تزل تأكل الوحوش، وتخطف الصبيان إلى أن شكوها إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فدعا الله تعالى، فقطع نسلهما وانقرضت، والله أعلم.

قلت: وأما ما يقال في المثل في عدم وجود بعض الأشياء كالعنقاء يسمع بها ولا يرى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015