كان إماماً في فن الخلاف، وهو أول من آفرده بالتضيف، ومن تقدمه، كان يمزجه بخلاف المتقدمين، ومن تصانيفه أيضًا كتاب النفائس اختصره شمس الدين أحمد بن الجليل الفقيه الشافعي الجوني قاضي دمشق وسماه عرائس النفائس، وكان كريم الأخلاق، كثير التواضع، طيب المعاشرة.
وفيها توفي الفقيه العلامة عماد الدين أبو القاسم الدامغاني قاضي القضاة عبد الله بن حسين، ولي القضاء بالعراق نحو ثمان سنين، ثم عزل، وأبو الفتوح محمد بن محمد بن محمد القرشي التيمي البكري الصوفي.
وفيها توفيت أم المؤيد زينب بنت عبد الرحمن بن الحسن الجرجاني الأصل، النيسابوري الدار، الصوفي المذهب المعروف بالشعري بفتح الشين المعجمة، وسكون العين المهملة، وكسر الراء، كانت عالمة أدركت جماعة من العلماء، وأخذت عنهم رواية واجازة منهم الإمام أبو المظفر بن عبد المنعم بن عبد الكريم القشيري والحافظ أبو الحسين عبد الغافر بن إسماعيل الفارسي وأبو البركات ابن الإمام محمد بن الفضل الفزاري والعلامة أبو القاسم الزمخشري صاحب الكشاف وغيرهم.
في أولها خرب الملك المعظم سور بيت المقدس خوفًا وعجزأ من الفرنج أن يملكه، فشتت أهله وتضرروا، وكان هو مع أخيه الكامل في كشف الفرنج عن دمياط، وتمت لهم للمسلمين حروب وقتال كثير، وجدت الفرنج في محاصرة دمياط، وعملوا عليهم خندقًا كبيرًا، وثبت أهل البلد ثباتًا لم يسمع بمثله، وكثر فيهم القتل والجراح، وعدمت الأقوات، ثم سلموها بالأمان وتسارعت الفرنج من كل فج عميق، وشرعوا في تحصينها، وأصبحت دار هجرتهم وترجوا أخذ ديار مصر، وأشرف الإسلام على الإنكسار والدمار، وأقبل أعداء الله من المشرق والمغرب، وأقبل المصريون على الجلاء فيهم الكامل إلى أن سار أخوه الأشرف كما سيأتي في سنة ثمان عشر وست مائة.
وفيها توفي أبو البقاء عبد الله بن الحسين العكبري الضريري النحوي صاحب التصانيف، أخذ النحو عن أبي محمد بن الخشاب وغيره من مشائخ عصره ببغداد، وسمع الحديث من أبي الفتح محمد بن عبد الباقي المعروف بابن البطي، ومن أبي زرعة طاهر بن محمد المقدسي وغيرهما، ولم يكن في آخر عمره في عصره مثله في فنونه على ما قيل: