على هذا يكون المراد بعدم رؤيتها بعد الانقراض المذكور.
وقال بعضهم: شيئان يسمع بهما ولا يريان العنقاء والغول، هكذا قيل قلت: ولكن قد حكي في رواية الغول حكايات كثيرة وإنها تتلون وإلى ذلك أشار كعب بن زهير في قوله:
ولا تدوم على حال تكون بها ... كما تلون في أثوابها الغول
وهي من سعالى الشياطين تعوذ بالله منهم، وقد قيل: إنها تجيء بعض الناس في صورة امرأة حسناء، ثم تسحره حتى يصير في صورة حمار، فتركب عليه وتركضه إلى حيث شاء، ثم تتركه أو ترده، ثم تروح وتخليه، وعلى لسان حال من وقع له هذا قلت أبياتًا في وصف الدنيا مشبهًا لها بالغول على طريق الخناس منها قولي.
كغول ذي غول ذي خداع ... وجابي الأرض ركضًا، ثم جابي
سعى لي مع سعالى ثم دلى ... يد الماجري بي في جرابي
ولي أهوى بما أهوى، فلما ... ترقي في حرابي في حرابي
رمى نحري لنحري ثم جهدي ... أنادي بالحرابي وأحرابي
ومعنى قولي في البيت الأول وجابي الأرض من الوحي الذي هو الدق أي ركض بي، وقولي في آخره: ثم جابي من المجيء أي ردني، وفي البيت الثاني سعالى من سعى يسعى مع سعالى جمع سعلان لما جرى بي من الجري، وفي جرابي الجراب المعروف، ولي أهوى أي أخرج من الجراب شيئًا أهوى به إلي بما أهوى أي بما أحب، والمعني أنه طمنني حتى أسكت خداعًا منه، فلما ترقي في حرابي حرًا هو الجبل المبارك المعروف الذي ترقي فيه، وفي حراب الثاني جمع حربة رمي نحري أي بتلك الحراب لنحري أي لقتلي كما ينحر الناقة، معنى أنادي بالحرابي أي بالجهد والطاقة مني التي لا أقدر على غيرها، وأحرابي من الحرب أي جهدي أقول واحرباه.
وفيها توفي الإمام العلامة أبو محمد عبد الله المعروف بابن شاس الجذامي المصري شيخ المالكية. صاحب كتاب الجواهر الثمينة في مذهب عالم المدينة وضعه على ترتيب وجيز الإمام حجة الإسلام أبي حامد الغزالي رحمه الله تعالى.
قال ابن خلكان: والطائفة المالكية بمصر عاكفة عليه لحسنه، وكثرة فوائده، وكان مدرساً بمصر بالمدرسة المجاورة للجامع، وتوجه لمجاهدة العدو لما أخذ دمياط، فتوفي هناك رحمه الله، كان من أكبار أئمة العالمين، حج في أواخر عمره، ورجع وامتنع من الفتيا