وفيها توفي صاحب مصر والشام السلطان الملك العادل سيف الدين محمد ابن الأمير نجم الدين أيوب، كان أخوه صلاح الدين يستشيره ويعتمد على رأيه لعقله ودهائه، ثم تقلبت به الأحوال بقدرة القدير ذي الجلال، واستولى على المالك وتسلطن ابنه الملك الكامل على الديار المصرية وابنه المعظم على الشام، وابنه الأشرف على الجزيرة، وابنه على خلاط، وابن ابنه المسعود على اليمن، وكان ملكًا جليلاً طويل العمر، عميق الفكر، بعيد الغور، جماعًا للمال، ذا حلم وسؤدد وله نصيب من صوم وصلاة، وكان يضرب به المثل في كثرة أكله، ولم يكن محببًا إلى الرعية لمجيئه بعد الدولتين النورية والصلاحية.

قال الملك العادل: لما عزمنا على المسير إلى مصر احتجت إلى حرمدان يعني الذي يسميه الناس اليوم حمدان، فطلبته من والدي، فأعطاني وقال: يا أبا بكر إذا ملكتم مصر، فاعطني ملؤه ذهبًا، فلما جاء إلى مصر، قال: يا أبا بكر أين الحرمدان فرحت وملأته من الدراهم السود، وجعلت على أعلاه شيئا من الذهب وأحضرته إليه، فلما آره اعتقده ذهباً، فقلبه وظهرت الفضة السوداء، فقال: يا أبا بكر تعلمت من دغل المصريين. ولما ملك صلاح الدين الديار المصرية كان ينوب عنه في حال غيبته في الشام، واستدعي منه الأموال للانفاق في الجند وغيرهم، فتقدم السلطان إلى العماد الأصفهاني إلى أن يكتب إلى أخيه الملك العادل يستحثه على انفاذها. حتى قال: يسير الحمل من مالنا أو من ماله ولما وصل إليه الكتاب شق عليه، فشكا إلى القاضي الفاضل، وكتب الفاضل جوابه ومن جملته وإمامًا ذكره المولى من قوله يسير الحمل من مالنا أو من ماله، فتلك لفظة لم يكن المقصود بها النجمة، وإنما المقصود بها من الكاتب السجعة، وكم من لفظة فضة، وكلمة فيها غلظة، حيرت الأقلام، وسدت خلل الكلام وخلف تسعة عشر ابنًا تسلطن منهم خمسة. الكامل، والمعظم، والأشرف، والصالح وشهاب الدين غازي.

وفيها توفي صاحب الموصل السلطان الملك القاهر عز الدين أبو الفتح مسعود بن السلطان نور الدين ارسلان شاه ابن المسعود الأتابكي وصاحب الروم السلطان الملك الغالب عز الدين بن كيكاوس.

وفيها توفي محدث بغداد الحافظ أبو العباس أحمد بن أحمد البندنيجي.

وفيها توفي الفقه أبو حامد محمد بن محمد العميدي الحنفي السمرقندي،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015