فافتراض كل هذا إنما يعني تكذيبا لتجربتي الذاتية وتجربة زوجتي. زوجتي التي استعملت هي الأخرى كوسيلة تعذيب مورس ضدي عندما عرفت المرض دون القدرة على استشارة طبيب ولا على اقتناء الدواء، وعرفت ذل الخروج للعمل لمواجهة مصاريف العائلة، وقد كنت أنا في عجز تام عن أن أقوم بتوفير لقمة الخبز وضمان مستلزمات العيش بعدما أغلق الاستعمار كل سبل العمل أمامي حتى كمستخدم أجير أو كعامل بسيط، فضلا عن أنها دخلت السجن معي.

إن إيصال كل ما سبق للإدراك قضية صعبة بكل تأكيد، ولو ببراعة وحذق كاتب كبير يخاطب ناسا عاديين على شاكلة فلاحينا ورعاتنا ونسائنا المدركات. أما محاولة تبليغه لفهم (الأهالي)، ومنهم (العالم) والدكتور والمنتخب، فمن ضروب المراهنة.

وبما أن شعبنا، المشكل أساسا من ناس طيبين، لا يزال للأسف أميا، فإني لا أكتب له بكل تأكيد.

إن هذا الكتاب شهادة أنوي تركها للأجيال القادمة. غير أني أكتب بطريقة تسمح لجيلي نفسه أن يعرفها ويناقشها وينتقدها. فهي شهادة لن تكون ذات قيمة إن لم تعرض على أنظار معاصري كاتبها. إذ بخلاف ذلك فلن تكون إلا كذبا اختلقه صاحبها ننشره بعد رحيله أو شهادة مهوس بعقدة الاضطهاد أو طالب شهرة بعد الوفاة.

فأنا أرمي هذه الشهادة إذن في وجه (الأهالي) (الاندجين) في بلادي كشهادة احتقار وازدراء.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015