أكثر ما في هذه القصة من مأساة وأكثرها إثارة للشفقة في هذه العذاب الشديد الذي أعيشه وعائلتي منذ عشرين سنة. فالإحسان المسيحي لا يتردد ولا يقف عند حد. فعندما يريد تحطيم نفس أو فكر أو عمل أو إنسان فإنه يضرب كل العائلة، حتى النساء والصبيان

إن لزم الامر.

وعندها سيدرك القارئ المنتمي إلى الأهالي أن نظرة ابن شقيقتي هي أفظع تعذيب سلطه علي الاستعمار بعد أن عذبني عن طريق والدي ثم شقيقتي التي رمي بزوجها إلى الشارع منذ عشر سنوات، ويواصل اليوم بطرد صهره من الإدارة حيث كان يشتغل علما بأنه المعيل الوحيد لسبع أيتام.

وهل يتسنى للقارئ المنتمي إلى الأهالي أن يفهم أن نظرة الصبي هذه ليست فقط تعذيب اختير ليمارس ضدي من قبل الذين يحسنون استخلاص السم السيكولوجي ودسه في روح سعوا لتدميرها؟ ولكنها أيضا نظرة تحمل تهمة عميقة لا تطاق من عينين هادئتين ترمقانني فأطرق مطأطأ رأسي وكأني مسؤول عن كل هذه المأساة.

ولكن دعنا نفترض أن القارئ المنتمي للأهالي سكان المستعمرات يعي هذا الأمر (دون أن أحدثه عن معاناتي الشخصية، التي تصل أحيانا حد الهذيان)، فالأمر سيعني أن (الخائن المترف) هو بطل حقيقي وأن الخائن المفترض هو الشهيد مستقبلا وأن القابلية للاستعمار (فضيلة) من الفضائل، وسيفترض أن - الشخص المنتمي للأهالي سكان المستعمرات إنسان وأدمي.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015