ذلك بوصفه رقماً من أرقام قلم المخابرات الفرنسي، ولكن بعد أن أدى في الحياة السياسية الجزائرية كل مهماته.

كانت مرافعتي أحر من الجحيم، ولكن وطيسها لم يحرق إلا الفراغ وبالتالي بقي النصر للزعيم، وفزت أنا بقصب الخطابة.

وكتب للزعيم انتصار آخر ذلك المساء، لأنه دعي إلى حفلة شاي بعد العشاء، فحضرها الشيخ (العربي التبسي) من بين من حضرها، فتكلم هذه المرة (الزعيم) يسوّغ موقفه إزاء الجمهور التبسي، فيما يخص موقفه من جمعية العلماء بعد قتل مفتي العاصمة.

فاعتبرت أن واجب المرافعة يقع هذه المرة على عاتق الشيخ العربي بصفته الشخصية الثانية أو الثالثة في جمعية العلماء بعد الشيخ (بن باديس)، ولكن العالم سكت فانقلب الزعيم مكللاً بانتصارين: مرة لأنه سكت، ومرة لأنه تكلم.

ومضى العالم في طريقه نحو الحرب العالمية الثانية، تحت هتاف الجماهير الألمانية التي تملكتها الشطحة الصوفية، بينما بدأ (الدوتشي) هو الآخر، يرفع صوته مهدداً ذات اليمن وذات الشمال، ويشهر (سيفا الإسلام) الذي قدمه له بعض الوجهاء الليبيين، تحت قوس نصر شيد من أجل ذلك، في منتضف الطريق بين طرابلس وبنغازي، وقد بقي هيكله بعد الحرب العالمية الثانية، شهادة على عبث وجبروت الإنسان، كما تشهد على ذلك الآثار الرومانية التي سبقته في المكان نفسه بألفي سنة.

ولكن عندما بدأت محطة (باري) إذاعتها، كانت حلقة (باهي) وحتى حلقة (صادق شقة)، تتحولان إلى حلقة واحدة من المستمعين إلى صوتها، ذلك الصوت الذي كان يذكرني فيما يخصني، بمحاولتي العابثة مع السفارة الإيطالية، وفي سفري الفاشل إلى (باري) بالذات قبل سنة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015