وظهرت من جديد المواكب الصاخبة في تشييع الجنازات، ولا أدري كيف فسرت مدام (دوننسان) هذه الظاهرة.

وذات يوم من هذه الأيام انطلق (البراح (?)) يعلن وصول (الزعيم) ليلقي خطاباً للجماهير تلك العشية. ولا أدري إذا فكرت مدام (دوننسان) أن الاستعمار شرع يدفع في حلبة الصراع جنده الجديد من المطربشين المتكونين على مقاعد الثانويات والجامعات.

وسمعت القيل والقال عندما ارتفعت حرارة الوطنية بدرجات في الجو، وتوجه الناس إلى جسر وادي الناقص لاستقبال (الزعيم)، كانت منقلباً إلى بيتي لأختفي، كما فعلت لست عشرة سنة خلت، يوم العيد المئوي لنزول الجيش الفرنسي، فلقيني أحد أهالي المدينة ممن يعرف موقفي من هذه المهرجانات، فقال لي إنه سمع أحد الشبان من البادية يسأل آخر:

- هل للزعيم (جطاية) (?) من ذهب؟ ..

يا لها من هزيمة مجتمع فقد رشده! ..

وفي المساء أقيمت مأدبة عشاء للزعيم بدار (سي الصادق بو ذراع) فدعيت لها مع (خالدي) وقريبي (صالح حواس)، و (سي محمد المكي)، فألح علي أصدقائي أن أحضر معهم لنسأل الزعيم عن أسباب موت المؤتمر الجزائري الإسلامي، فحضرنا وبعد الطعام تناولت الحديث.

ولكن الزعيم كان أمكر من ثعلب وكنت أبلد من خرتيت. فتكلمت وسكت، وتولى الرد على أسئلتي المحرجة أحد زملائه ممن سيكشفه الرأي العام بعد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015