الحزب الاشتراكي الفرنسي، لأن العدوى كانت شاملة، ولكنه مع ذلك بقي محتفظاً بفطرته البدوية السليمة، فقد كان لا يترك فرصة تفوته للتعبير عن سخطه بلغة فرنسية مهلهلة، نعلمها في مداولات المقاهي الأوربية يوم كان قمَّاراً:

- يا جيل الضفادع.

كانت هذه الكلمات تتصدر كل خطبه السياسية التي كنا أنا وخالدي، نحرص على استماعها أكثر من أي خطبة زعيم آخر لا نجد فيها من روح الصدق والإخلاص.

وقد كنت ألاحظ بارتياح على وجه (خالدي) علامة النقاهة الروحية الناجعة منذ بدأ قراءة (نيتشه)، كما أشرت عليه بذلك قبل سنتين، فأصبح محصناً بأفكار الفيلسوف الألماني من تلك العقبات التي توضع في طريق شبابنا الجامعي حتى اليوم، لتحيله إلى طريق تفكير وإحساس تجعله أجنبياً عن الشعب شاذاً على نسق حياته.

ولا شك أن الإنسانية ستتكبد خسارة كبرى من جراء ما تقوم به اليوم لجنة مختصة، من تعديل تدخله على كتب (نيتشه) لتصيّرها صالحة لمكتبة عالمية، ترفض الأصالة وحرارة الإيمان ومضاء الأفكار، ولا ترجو من الكتاب إلا التوقيع تحت كل ما يجول ويدور.

فقدت الميل إلى الفن المصري، الذي طالما قربني من مقهى (باهي) ومن حلقة (صادق شقة) بالتبعية، وأصبحت أسأم من كل شيء بينما كان العالم لا يستطيع التنفس، وهو يرزح تحت ثقل جبار لحضارة مثقلة بكل مطامع ومطامح استعمارهم.

وكنت أمر بباب الساعة، في الوقت الذي يفتح بجنبه باب الثكنة لتوزع فيه، مخلفات أكل الجيش على الفقراء من أطفال وشيوخ يتراكمون على باب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015