وفي الغد مضت الأشياء في الصباح على النسق العادي، وكنت بعد الغداء أول من دعي للامتحان الشفاهي، فوجدت في القاعة لجنة الامتحان وعلى رأسها جنرال ببزته العسكرية، وبجنبه الكومندان الذي استقبلني، رجل ببزة مدنية من ناحية أخرى، فأحسست في تلك اللحظة بانقباض في نفسي نحوه.
كان الجنرال هو الذي يسأل، وكان الجواب على السبورة، ومن العلوم أن المسؤول يشعر بقدرة إجابته من خلال نتيجته ... ومما زادني شعوراً بالتوفيق موقف الجنرال بعد الاختبار.
- الصدّيق؟ .. الصدّيق؟ .. هذا اسم جزائري من أي ناحية أنت؟
- من تِبسة يا سيدي.
فالتفت الجنرال إلى الكومندان بجنبه:
- إنني بدأت الخدمة العسكرية في هذه الناحية بمدينة (باتنة).
لقد كان الجو مرحاً إلى أن أصبح الجنرال يستعيد ذكريات بعيدة، ثم التفت إلى الرجل الآخر:
- متى تعلن النتيجة؟
- سنعلقها بعد عشرة أيام تقريباً ...
فشعرت في تلك اللحظة شعوراً متشائماً، لأن رجائي في نتيجة الامتحان بالنسبة لي، كان كله على أساس المفاجأة التي أتاحت لي قرب تسجيل اسمي من يوم الامتحان، لذلك لم يكن في وسع الاعتبار السياسي أن يتدخل، في برهة زمن قصيرة جداً، أما وقد أُجِّل إعلان النتيجة عشرة أيام، فقد انفسح المجال لكل الاعتبارات الخاصة في النطاق الإداري.