التي اكتشفتها فيه يوم رأيته لأول مرة ومرات بعدها، فمررت في طريقي دون أن أحييه.

ولعل النظرة تكشف خفايا النفس لمن تنظر إليه، ولعل المدير (سودريه) شعر في نظرتي إليه، بما يختلج في نفسي نحوه من احتقار لشخصه واستصغار له؛ فعندما عدت في الغد إلى المدرسة لسحب الشهادة قال لي الموظف: إنها على مكتب المدير الذي يرجوني أن أستلمها من يده.

فقابلني بوجه بشوش متلطف كأنه يريد التكفير عن سيئته:

- السيد الصدّيق ... هل تريد أن تسهم في امتحان تجريه وزارة الدفاع من أجل اختيار بعض اختصاصي الحساب لقسم هندسة المدفعية؟

فقلت:

- والله .. إنني في صدد البحث عن شغل يا سيادة المدير.

- اذهب في الحين من طرفي إلى الكومندان فلان ليسجل اسمك، وسأتصل به.

استقبلني بعد لحظات الكومندان بكل حفاوة:

- إن المسيو (سودريه) اتصل بي في شأنك، فالامتحان يجري غداً، وملفك ليس جاهزاً، عليك أن تجهزه بعد الامتحان ...

حاولت الشكر، ولكن الضابط لم يمهلني:

- إنك تكون هنا في السابعة والنصف غداً.

فخرجت أنشد في نفسي نشيد الفرح، بينما تتردد على فكري ألف فكرة فيما يخص ترتيب حياتي بباريس بعد الامتحان.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015