(أفيا) (?) وجدت كرفة في (بنسيون)، استدرجني إلى النوم سريرها المريح مثل كل أسِرّة ايطالية، فاستسلمت للنوم تفادياً للتعب الذي أنهكني أثناء السفر.
لم أستيقظ إلا في صباح الغد، فقد خرجت لأتناول القهوة على سطح مقهى قريب من (البنسيون)، فناولني الخادم القهوة مع كأس ماء، وناولته الكلمة الإيطالية الوحيدة التي تعلمتها من باريس إلى باري:
(جرازيا)! ... شكراً.
ثم سألته عن المطاعم القريبة فلم يفهمني ولم أفهمه، وإذا بصوت من خلفي:
- هل أنت فرنسي يا سيدي؟
فالتفتّ إلى المرأة التي تسألني، فرأيتها تجيب على الأسئلة التي وجهتها إلى خادم المقهى، وبجنبها ابنتها المراهقة.
ثم استرسل الحديث: كانت المرأة من مدينة (ليون)، فقد تزوجت ثيّباً بعد زواج سابق برجل من ألبانيا تركها ورجع إلى بلاده، فأتت تبحث عنه دون جدوى، فقلت:
- أنا متوجه اليوم إلى (تيرانا) ...
وقد قصدت بكلمتي استدراج السيدة للحديث عن شؤون البلاد التي رجعت منها بعد ما أقامت بها مدة، فقالت:
- ماذا تريد أن تصنع هناك؟ لا يوجد شيء إلا الفقر والبؤس ...
فبدأت أفكار مترددة تدور في عقلي وتساؤلات مضطربة تنشأ فيه: