- إنني سأبرق غداً إلى موسوليني بصدد هذا الإهمال وهذا العبث!

يبدو أن الرجل كان من الشمال من الملتزمين الايديولوجيا الفاشية، فبقي سائر الركاب في مرحهم، بعضهم يغني وبعضهم يعزف على الجيتار.

وعندما وصلنا في صباح الغد إلى (باري)، والراكب محطم القفا من المقاعد الخشبية في القطار الإيطالي، أخذني دليلي- الشاب البحار الإيطالي- بكل لطف ولم يترك لي حقيبتي المثقلة بكتبي الهندسية، فشالها على كتفه حتى سلمني إلى عربة (حنطور) وأوصى صاحبها ليأخذني إلى الميناء.

وذهبت في هذا الركب عبر المدينة التي كانت تلفت نظر الزائر نظافة شوارعها، وتحفة ميادينها إذ توجد في وسط كل ميدان هضيبة زهور تضفي على النظر جمالاً ربيعياً.

لا أتذكر من قال لي إن (باري) من منشآت العهد النابولي، ولكن عندما اجتزنا سورها العتيق، بدا لي أن أصل المدينة أقدم من مملكة نابولي (?)، وعلى أية حال كانت المدينة تجذبني حتى كنت مسروراً بقضاء يومي فيها حتى إقلاع الباخرة منها في المساء:

- لا يا سيدي، إن الباخرة تقلع غداً مساء ...

قال لي هذه الكلمات موظف الجمرك، عندما وصلنا إلى الميناء؛ فتركت في نفسي بعض القلق دون أن أشعر أنها كلمات القدر. بينما كنت عند أخذ تذكرة السفر بباريس، قد تأكدت جهد استطاعتي من مواقيت السفر.

لم يبق لي إذن إلا الرجوع إلى المدينة حيث وجدت، لا أدري في أي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015