لم يكن الفصل مريحاً ولم يأت بتسلية.
إن إيطاليا الفاشية لم تعطني فرصة، و (سودرية) ومدرسة الميكانيك والكهرباء خيبا رجائي، والأمين العمودي لم ينشر مقالي في صحيفته، والمؤتمر الجزائري تبخر، وخاب ظني في الإصلاح والعلماء المصلحين، وأصحت أتساءل: - ماذا أفعل؟
بدأ هذا السؤال الذي طالما تردد في نفسي بعد خروجي من مدرسة قسنطينة، يتردد على ذهني من جديد دون جواب.
وبدأت أشتم في نفسي رائحة الغرق:
- ماذا أفعل؟
لعلي أكرر تجربتي مع السفارة المصرية الآن وقد أصبح لي أصدقاء من بين العلماء الأزهريين الوافدين على (الصربون).
توجهت ذات صباح إلى سفارة فاروق الذي خلف فؤاد، فكانت الصدمة أقسى من أختها، لأنني كنت هذه المرة معززاً بتوصيات أصدقائي الأزهريين.
لم يكن في استطاعتي في تلك الظروف أن أتراجع، وربما يجدر القول هنا إن الأقدار كانت مني على الدوام في موقف لا ألين معه إذا قسا الظرف، وأقسو إذا لان: فوردت ببالي فكرة أخرى في دائرة أفكاري العادية في الهجرة:
- لو أهاجر إلى الأفغان؟
وتوجهت في الغد إلى السفارة، فوجدت من طرف السفير كل الكياسة المنتظرة من ممثل بلاد جمال الدين الأفغاني، وفي أثناء الحديث الذي دار بيني وبينه بخصوص تطور وطنه بعد (أمان الله خان) تذكر: