- علينا بالدخول على أية حال.
فانهزم الشيخ (اليعلاوي) كأنه متأثر من موقفنا. وإذا بـ (الأمين العمودي)، وقد كان ضمن الوفد الجزائري، على عتبة الباب، وكان لي معه حساباً فانصرف بالنا عن الشيخ (اليعلاوي) فقلت:
- هيه ياسي العمودي ... إنك لم تنشر مقالي عن (المثيقفين)؟
- نعم إنني لم أنشره عن رويّة حتى لا أحطم مستقبل (فرحات عباس) في الحلبة السياسية.
إن ثلث قرن قد مر على ذلك الحين، وقد تصفحت أكثر من مرة ذكريات ذلك العهد، ورأيت عن كثب النتائج السلبية لهذا التفكير الذي واجهني به ذلك اليوم على عتبة (جراند هوتيل) وعن حسن نية مدير جريدة (الدفاع)، إنه لم يتصور مسؤوليته في عدم نشر مقالي إلا في مستوى من ليس له أي خبرة في مجال الصراع الفكري، إذ أنه لم ير أن مقالي قد وصل على أية حال إلى علم الاستعمار وأفاده في زيادة خبرته في شؤوننا، دون أن يؤدي أي دور في توعية الشعب الجزائري، وما كانت نتيجته بالتالي إلا وبالاً على صاحبه، دون أي فائدة للوطن. لقد رشقت فعلاً حربتي في الضباب.
وعلى أية حال فقد وجدنا يومئذ الوفد الجزائري موزعاً في بناء الفندق؛ حلقة الشيخ (بن باديس) من المعمَّمين من ناحية، وحلقة المطربشين من ناحية أخرى، فتوجهنا إلى الأولى فقد كان حول الشيخ زملاؤه من جمعية العلماء، مثل الشيخ (الإبراهيمي) والشيخ (العقبي)، وبجنبه المحامي (سي بلقاضي) المنتمي إلى الإصلاح على الرغم من صلته المهنية بالحلقة الأخرى.
وبعد السلام والتحيات شرعت في مرافعة شديدة.
- يا أصحاب الفضيلة، ماذا أتيتم تفعلون؟ ولماذا في هذا الفندق المترف