ولكن الجزائر التي كانت تستطيع كسب انتصار كبير على الاستعمار بثمن غالٍ، لم تكن بعد تجيد الحفاظ عليه، إذ أنها عوضاً عن أن تبقي المعركة على الأرض التي تحقق عليها نصرها، تنقلها وتورطها على أرض الخصم.

ربما زارني (حمودة بن الساعي) وأخوه (صالح) ليخبراني بوصول وفد جزائري على رأسه رئيس (اتحادية النواب) وفرقة من أعضائها مثل (فرحات عباس)، ومعهم كل هيئة أركان حزب الإصلاح، من الشيخ (بن باديس) إلى الشيخ (العقبي).

وفي هذه الأثناء انتهت فترة الامتحانات، ورجعت زوجي إلى بيت (أمي مورناس) التي عزّلت (?) مرة أخرى على عادتها، بعد أن باعت بطريقة مربحة بيتها بـ (لوات كليري)، واشترت بمدينة (دروكس) بيتاً يشرف على النهر الصغير الذي يمر تحت الجسر أمام مصنع الغاز.

فاصطحبتُ زوجي، ريثما أساعدها في نقل أثاثنا من باريس، ثم رجعت وحدي لأنه كان لي مستقر مع حمودة وصالح بغرفتهما، وقررنا زيارة الوفد الجزائري الذي نزل بـ (جراند هوتيل).

صاحبنا (علي بن أحمد) وطالب في الطب، كنت أحبه لصلتي بوالده الشيخ (صالح بن العابد)، وعندما وصل وفدنا إلى الفندق وجدنا الشيخ (عبد الرحمن اليعلاوي) كأنه كان ينتظرنا عند الباب فسألناه:

- هل الوفد هنا؟

- لا، إنه خرج في مهمة.

فالتفت (علي بن أحمد) إلينا كأنه غير واثق من صحة الجواب:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015