(الدوتشي)، ولا أية نغمة أخرى غير التي يعرفها التاريخ في أعماق الروح لدى أي كبير أو صغير من بلاده.
ويجب أن نقول الحقيقة للتاريخ: إن الوطن لم يكن يبحث عن أفكار تكنية؛ وربما كنت الجزائري الوحيد الذي لا ينام من أجلها، وربما كانت الجزائر حينئذ في منعطف سيبعدها حتى عن الأفكار التي ولدت على أرضها، فتراها في تلك الفترة بالذات تولي ظهرها للأفكار الإصلاحية حتى في تلك اللحظة التي يتوجها المؤتمر الجزائري الإسلامي.
انعقد فعلاً هذا المؤتمر.
ووصل نبأ كان كصاعقة دوّى بها الحي اللاتيني، ولست أتذكر بالضبط ما كان صداه على أعصاب (علي بن أحمد)، ولا أتذكر بالحرف العبارات التي تلقيت بها النبأ، ولكنني أتذكر الهزة الوجدانية التي كانت تهزني، وأنا أنقله لزوجي على مائدة الطعام.
قد كنا متفقين على أن المؤتمر أكبر انتصار حققه الشعب الجزائري على نفسه أولاً ثم على كل القوى التي تسعى لإبقائه في الوحل.
إنه من الصعب أن نعبّر عما يختلج في نفس الآخرين في ظرف يهزنا هزاً، وإنما كنت واثقاً من أن الظرف رج الأستعمار رجّاً، وأنه دق في معسكره ساعة خطيرة.
ولكن كان يجب على معسكرنا أن يعرف كيف يحافظ على انتصار دفع ثمنه الغالي، ذلك الثمن الذي كانت (أثينة) تعرف وتقدر قيمته، القيمة التي توحي لـ (فيدياس) ذلك التمثال الرمزي الذي أضافه إلى بناء معبد (الأكروبول)، والذي يسمى (الانتصار فاقد الجناحين): الانتصار الذي لا يطير من المعسكر الأثيني.