عودتني خديجة وتعودت، ألا تتعجب من تقلبات الطريق منذ بدأت تسلكه معي، فقضينا الأيام التي تبقت قبل افتتاح المدرسة، في هذه الناحية الجميلة جداً على الضفة الشمالية لنهر (الأور)، قضيت أوقاتي أتفسح بين الغابات الصغيرة التي تحف القرية بمنطقة هادئة، يجد المرء نفسه على مساربها الخضراء مرتاحاً من متاعب الدنيا.
ولعل اغتيال (أليكساندر) ملك يوغسلافيا، و (برتو) رئيس الجمهورية الفرنسية الذي كان في استقبال ضيفه بميناء مرسيليا، لعل هذا الحدث وقع في هذه الأثناء، غير أنني أتذكر بالضبط سؤال (أمي مورناس) عند رجوعي من إحدى هذه الجولات الريفية:
- يا صديق، هل تعتقد أنه سيكون حرب بعد هذا الاغتيال؟
لا أدري ما كان جوابي، ولكنني تصورت من خلال سؤال (أمي) أنها من الجيل الذي شاهد اندلاع الحرب العالمية الأولى، على أثر اغتيال أرشدوق النمسة بقرية (سراييفو) من قرى البوسنة والهرسك بيوغوسلافيا الحالية.
ثم انصرف اهتمامي واهتمام زوجي إلى قضية السكن بباريس، فاستأجرت على مقربة من مدرستي، غرفة عارية في الدور الأخير بعمارة لم يكن في مثلها تأجير هذه الغرف مستعملاً لأنها تابعة للشقق، ومعدة من أجل خدم أصحابها.
وعلى الفور انتقلنا إليها، وبدأت زوجي مهمتها بوصفها مهندس تجميل، ونجاراً، وغرّاساً، فألبست الغرفة المتروكة تحت سقف عمارة ذات ستة أدوار، لباساً من الذوق والجمال جعلها تحفة تفاجئ الزائر عندما يكتشفها تحت هذا السقف.
ومما زاد في سعادتنا أننا وجدنا ما يشبه جهاز تدفئة داخلي، لأن في هذا