كمرثية أرثي بها المشروع الذي قضى نحبه في السفارة المصرية، دون أن أتصور أن مشاريع أخرى ستلقى كذلك حتفها في ظروف مماثلة عبر الطريق.

وساقتني خطواتي في حالة لاشعور إلى الحي اللاتيني، ربما لأني كانت في حاجة لإفشاء المصاب، ولمشاطرة المصيبة مع (حمودة بن الساعي وصالح).

فقضيت معهما النهار بين الشكوى والتعليل، وأردنا في المساء أن نتناول قهوة في (كابولاد) مقهى الطلاب.

وإذا بنا- ونحن متجهون إلى القاعة الخلفية- نجد في القاعة الأمامية حيث يجلس من تهمه التسلية، (مصالي حاج) مع بعض رفاقه من بينهم (إمعاش) و (سي الجيلالي) و (عبد الله) البقال المتنقل الذي انعقد في بيته قبل أربع سنوات، أول اجتماع حضرته من أجل دخول أو عودة (منظمة نجم شمال إفريقيا) للمسرح السياسي.

فناداني الزعيم، حين رآني:

- ياصديق! .. أنت لم تسافر للحجاز؟

- لا والله إن طريق مكة مقطوع! ..

لا أدري كيف علق الزعيم على جوابي، ولكن جوابي يذكرني اليوم، بعد ثلث قرن، بكلمة رئيس الحكومة الفرنسية حينما قال أثناء الحرب العالمية الثانية:

- إن طريق الحديد مقطوع! ..

وكان يعني طريق الحديد النرويجي على ألمانيا.

ومن الغد عدت إلى (لوات كليري) لأقول لزوجي أن تتهيأ لعودتنا إلى باريس لقضاء سنتي الأخيرة بالمدرسة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015