قريبة منها اسمها (لوات كليري)، حيث تركتُ زوجي تقوم عل إصلاح بيت جديد اشترته (أمي مورناس) بعدما باعت دكانها بقرية (بروويه).

وكان الفصل عند وصولي إلى (دروكس) تلك المرة، ومرات أخرى فصل إشراق التوديع، عندما تلبس الطبيعة حُلّة الخريف، في جو لا تفرط فيه أشعة الشمس ولا لذعات البرد الشتوي، فكنت إذا نزلت من قطار باريس في مثل هذا الفصل، أمشي على الأقدام المسافة الصغيرة بين المدينة والقرية، متمتعاً بكل ما تقدمه الطبيعة الخريفية على حافتي الطريق من زرابي خضراء مبثوثة، وطيور شادية في الغابة القريبة من الطريق، وحشرات دابة على حافته فيما سخرت له، بينما تحلق في السماء قطع سحاب لا تخلو منها، على عكس السماء الحادة التي تغطي قفر تبسة، الأمر الذي يزيد في شعوري بالارتياح عندما أنزل بمحطة القطار في (دروكس) متوجهاً إلى منزلي.

وجدت زوجي هذه المرة، في نهاية إصلاحها للبيت الذي نقلت إليه (أمي مورناس)، وريثما أسلم على الجميع، وأمسح على رأس الهرة (لويزة) وهي تتثاءب وتمطط على أقدامها تحت يدي، قلت لزوجي:

- أين الجوازات؟

- كأنك والله مسافر الآن، وكأن قطار مكة ينتظرك بمحطة (دروكس)، على مهلك حتى تشرب كأس قهوة وتستريح هنيهة بعد ليلة سفر متعبة ..

كانت خديجة في مثل هذا الظرف صوت العقل المتزن، ولكنني أصبحت في الحالة النفسية التي يكون بها سجين وُعِد بمفتاح سجنه، ويريد أن يتأكد من إنجاز الوعد، ولا يفهم هذه الحالة من لم يعش تجربة، وخاصة من لم يعشها من أبناء المستعمرات، قبل أن يعلن ميثاق الأمم المتحدة بين حقوق الإنسان، حتى التنقل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015