مثل المدرسة التي شيدت عند باب قسنطينة سنة 1930، في نطاق عيد مئة السنة على الاحتلال ثم أصبحت مدرسة بنات.
وتغيرت أيضاً في المنظر الاجتماعي داخل السور وخارجه بعض الأشياء، لقد زالت حلقة تلاوة القرآن التي كانت تعقد منذ أجيال في صحن (سيدي بن سعيد) بعد كل صلاة عصر، لقد وارى التراب، واحداً بعد الآخر، الوجوه التي عرفتها في طفولتي ضمن تلك الحلقة وطوى الزمان ما كان حولها من التقاليد.
كان جيل المقرئين الذين يحفطون القرآن الكريم عن ظهر قلب، يأتي بعضهم من عشيرة (اللمامشة) وبعضهم من قبيلة أولاد (سيدي يحيى) وآخرون من أولاد (سيدي عبيد)؛ ويتوزعون لحفظ الذكر الحكيم على حلقة (سيدي بن سعيد) داخل السور، وحلقة (سيدي عبد الرحمن) خارجه، ويتوزعون على الأسر الموسرة التي ترتب لهم وجبات الطعام، ثم ينقلبون من حيث أتوا بعد سنوات التحصيل، وعدد منهم يبقى في المدينة ليتولى بعض الحرف مثل غسل الأموات وتكفينهم وتلاوة القرآن عليهم، أو تحفيظ الصبيان.
وكانت الطائفتان من هؤلاء (الجوانية (?)) تلتقيان في مباراة (الكورة) في فصل الربيع، خارج السور من ناحية (المرج).
ولقد تآمرت الطبيعة والأيام على تغيير معالم صفحة من الحياة طواها التاريخ.
لم تبق في المدينة أي أسرة تستطيع أن ترتب لطالب (جواني) وجبات الطعام، لأن الحرائق الكبرى في الغابات حول تبسة قبل الحرب العالمية الأولى، تسببت في تغيير المناخ الذي تطور إلى جفاف أفقر- بسنين كسنيّ يوىسف- كل