فاغرقتها طائرات إسبانية منحازة للجمهورية، فأمر هتلر بقصف ميناء (جرنيكا).

ولم يُرد (موسوليني) أن يبقى متفرجاً أمام الأحداث، فامر الجنرال (باو وليو) بالزحف على أرض الحبشة. ولكن أصبح الجيش الإيطالي يراوح مكانه لا يتقدم، فاهتز الرأي العام الأوربي لهذه الفضيحة أكثر مما اهتز للأولى.

وفي هذه الأثناء حضرت مع (حموده وصالح)، محاضرة ألقاها (مسينيون) بقاعة (جمعية الطلبة المسيحيين الباريسيين)، فأدان الجريمة الإيطالية، لا من ناحية أخلاقية فحسب، ولكن من ناحية سياسية لأن بطء إنجازها يعرض الاعتبار الأوربي إلى الهزء في المستعمرات.

لا أدري إن كانت تلك المناسبة هي التي سمعت فيها خليفة (ارنيست رينان) على كرسي (كوليج دوفرانس)، ومؤرخ الحلاج، يذكر وفاة (رشيد رضا)، فيسكت هنيهة ثم يتنفس الصعداء كأنه استراح، يقول:

- آه! مات هذا الرجل.

ومن المؤسف في ذلك اليوم، أن (علي بن أحمد) كان في القاعة، لأنه كان من الطلبة الذين يتتبعون تقلبات كل المحاضرين عن الإسلام في باريس، خصوصاً (مسينيون) لأنه حسب بعض الأقوال، كان هو الآخر يتتبع خطوات الطلبة المغاربة، وعلى أية حال كنت أخشى حضور (علي بن أحمد) ذلك اليوم، لما أعلم لقريبي من جرأة لسان، لا تليق في مكان يعرفني فيه الجميع، ولا تليق في كل الظروف.

وإذا به يطلب الكلمة عند انتهاء المحاضر من كلامه، فتوقعنا النكير وقلنا جميعاً فيما بيننا:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015