كانت الألفة في قسنطينة بين المسلمين واليهود تسود طيلة القرون قبل الاستعار، ثم بدأت الحياة تتعكر فيها بالتدريج على حساب المسلمين بسبب أذى اليهود لهم، حتى أصبح صريحاً مستفزاً كتحديات مقصودة خاصة تجاه صغار التجار المسلمين، يأتي غالبهم من ناحية القبائل الصغرى لتحصيل القوت في المدينة بسوق (رحبة الصوف)، فتأتي اليهودية لتشتري بيضاً أو بقولاً، فتتعمد الإساءة إما في تحديد السعر حسبما شاءت، أو في بقول تفحصها فحصاً عابثاً ثم تتركها مبعثرة على مائدة التاجر المسكين، أو ملقاة على الأرض، كأنما يريد اليهود أن يثأروا من عرب قسنطينة لإخوانهم يهود برلين، وذلك دون أن يردع رادع أو يزجر زاجر، بل كان أحياناً التاجر العربي هو الذي يقاد للزجر بنقطة البوليس بعد التعدي على كرامته.
حتى فار التنور يوم حدَّثت يهودياً نفسه، أن يبول في صحن ذلك المسجد الصغير بحي الجزارين حيث يصلي صغار التجار في ذلك الحي، فانطلقت الصرخة:
- إن اليهود يتعدون على حرمة مساجدنا!!
فكان الصول والجول والهول وانفجر الوضع، وشرع في تهدئته دون جدوى، بعض الأحبار من طرف اليهود وبعض المشايخ، من بينهم الشيخ (بن باديس) من طرف المسلمين، فقال أحد المشايخ على سبيل التذكير بالحكمة الشعبية:
- إخواني، إنكم تعلمون أن رؤوس الأيتام معرضة للضربات القاضية (?)! ..
لا شك أن الرجل يحمل تحت عِمّته (الرجعية) الأفكار التي يحملها الدكتور (بومالي) تحت طربوشه (التقدمي).