قلت هذه الكلمات بصوت خافت، فأحسست بالشيخ (الصادق) يضغط على يدي، فشعرت بأنه البلاغ، فالتفت إلي الشيخ لأفهم من وجهه معنى البلاغ، فأطرق الرأس وزاد في الضغط على يدي وقال:

- إنا لله وإنا إليه لراجعون ...

فصرخت:

- هل والدي؟ ... دون أن أتم الكلمة.

- لا الوالدة ... رحمها الله ..

فوقفت كأنما نزلت على رأسي صاعقة، وكأنما الأرض تزلزلت تحت أقدامي، وفي لمحة بصر تحولت عواطفي من السعادة القصوى إلى المصيبة الدهماء.

- إنني لا أجد اليوم الوالدة في انتظاري كالعادة من أعلى درجنا ...

لا أدري إن كانت هذه الخاطرة السبب في وقوفي كأن جبالاً حطت علي، فألقيت نفسي على كرسي عندما وصلنا إلى سطح مقهى ميدان البلدية، وجلس حولي بعض الأقارب والأصدقاء ...

لابد من الوصول إلى البيت، فاستقبلتني أختاي والبكاء يخنقهما، واختفت زوجي لئلا ترى حزني، فوجدت والدي جالساً مع خالي (أحمد شاوش) في الغرفة التي لفظت فيها والدتي نفسها الأخير.

قام والدي ليعزيني فأنساني مصابه مصابي، فعزيته: إنه فقد أصلح الزوجات، وفقدتُ خير الأمهات.

وشعرت كأنما الظلام مخيم في البيت، وربما كان مخيماً بسبب عدم إشعال كل الأضواء، كما كانت تفعل والدتي يوم وصولي.

كانت الضربة قاسية، ولكنني لم أشعر بعد بكل ألمها لأنها جديدة، كنت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015