الطلبة إلى مدارسهم. فبدأت أرى والدتي منغمسة في أمر يشغل بالها. هل هو الشعور بالفراق القريب؟ ...

وذات يوم من بداية الخريف في عشية يشع فيها الاطمئنان والسكينة، كنت جالساً إلى جنبها قبل رجوع والدي من الشارع للعشاء وهي توصيني بصحتي، ثم رأيتها تطرق برأسها وتقول بصوت خافت:

- يا صدّيق لماذا لا تقضي هذه السنة هنا؟ إن شتاء باريس قارس. وما عليك إلا أن تأتي بزوجك وتبقى معي.

ثم سكتت كأن صوتها في نفسه الأخير، فبقيت مدهوشاً لسببنن:

- لماذا والدتي، التي عرفتها لا تفرط أبداً في الواجب، تدعوني هذه المرة لأترك دراستي؟ ثم من أخبرها أتن تزوجت؟

كنت أردد في نفسي هذين السؤالين، دون أن أرى للأول غير تفسير واحد، هو أن حنو والدتي وعطفها عليَّ تغلبا على إرادتها أمام الفراق القريب، أما الآخر فسألت:

- يا (ما) ومن أنبأك بأنني تزوجت؟ .. هل يعلم والدي ذلك؟

- لا يعلم أبوك شيئاً من هذا وسوف أقنعه.

فطمأنني جوابها بالنسبة لوالدي، فأخذت يدها أقبلها وأحنو عليها، وقلت:

- أتعلمين يا (ما) أن سنة دراسة لها حسابها.

وكأن كلماتي وحنوي وقبلاتي أقصت ما كان يعتري نفسها، فظهر الابتسام والبشرى على وجهها الجميل، وقالت:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015