الأصلية، وكانت (ما حليمة) تعين زوجها بتربية بعض الدواجن ترتع وتنقر ما تنقر في الميدان الذي لم يكن بعد أخذ اسمه الحالي، ولكنها تراقبها لوقايتها من العابثين، فتثور مشاجرات بينها وبين الأطفال، كما يحدث لـ (با عيرود) في بستانه عندما ينقض عليه الصبيان زمان الخس الروباني كأسراب العصافير.
نشأ (مختار) في هذه الأسرة دون أن يتلقى مع إخوته الصغار- إذ كان هو كبيرهم - أي نوع من الدراسة في مكتب ولا في مدرسة، فنشأ على الطبيعة وعلى عادات الشارع مثل أطفال تبسة في تلك الفترة.
فمن توجيه الشارع له أنه بدأ يسهم في غزوات أقرانه على البساتين حول السور حتى بستان (با عيرود)، ثم تصاعد نجمه للانضام إلى عصابات أطفال تغزو في السوق بعض الدكاكين السهلة المنال، يعرف أصحابها عندما يرون تجمعاً كهذا أن بضاعتهم المعروضة على الأرض من بطيخ وشمام، سينالها النهب.
ولم تكن تبسة تعرض مثل هذه الجرائم على محكمة جنح الأطفال، وإنما كانت تصفيها حسب العرف.
ثم وجه الشارع (مختاراً) إلى ممارسة اختلاس ماهر من نوع القمار، تكون غالباً ضحيته من شبان العشائر الذين يفدون على المدينة يوم السوق، حيث ينتظرهم (مختار) وأمثاله ليغروهم بلعبة (الورقة الحمراء رابحة)، فيمكرون بهم مكراً ماهراً فادحاً.
وبالتالي أصبح مختار مقامراً عاكفاً في المقاهي الأوربية على القمار، فبدت عليه علامات اليسر وتأنق لباسه حتى أصبح أهالي المدينة يتضايقون منه بسبب معايشته الأوروبيين أكثر من ممارسة القمار.
انتهى به توجيه الشارع إلى هذا الحد ومات والداه.
ولكن آن أوان الإصلاح في الجزائر، وفي تبسة خاصة، فتولت الطبيعة