واشتد الحسد والحقد منذ ذلك الحين.
{وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ} 1.
ولقد جهدوا جهدهم كله لمحاولة القضاء على الأمة الإسلامية في مهدها، حتى يئسوا فانكمشوا إلى حين:
{الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ} 2.
ولكن حقدهم ظل معهم، بل ظل يتزايد على طول الزمان وزاد تصميمهم الخبيث على نشر الشر في الأرض وسحق كل أمة عداهم.. حتى واتتهم الفرصة السانحة في العهد الأخير..
وهنا يخطر السؤال: أليس الله سبحانه وتعالى قد تكفل بقهرهم وتسليط العذاب عليهم إلى قيام الساعة جزاء كفرهم وتبجحهم؟
{وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ} 3.
بلى! ولكن هناك حالات استثنائية في تاريخهم يشير إليها كتاب الله:
{ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ} 4.
بحبل من الله وحبل من الناس ترتفع عنهم الذلة -مؤقتا- ويمكنون في الأرض، لحكمة وغاية يريدها الله.. ثم يعودون إلى الوعد المستمر:
{ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا} ، {لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ} والآن هم في هذه الفترة الاستثنائية التي أشارت إليها الآية الكريمة من سورة آل عمران.
ولئن كان مخططهم هو استعباد البشرية كلها وسحقها تحت أقدامهم، ولئن كان الإسلام عدوهم الأول الذي يحقدون عليه الحقد الأشد، فما كانوا -حين بدءوا ينشطون نشاطهم الضاري في التاريخ الحديث- ما كانوا يجدون