سابعا: مساندة الكنيسة للظلم السياسي والاقتصادي والاجتماعي المتمثل في الإقطاع

أصبحت الكنيسة -بفضل الهبات والإتاوات والعشور والهدايا والغصب والنهب والتدليس وغير ذلك من الوسائل- أصبحت من ذوات الإقطاع. بل كانت أملاكها في بعض الأوقات تفوق أملاك الأباطرة وأمراء الإقطاع.

ومن ثم فقد تحدد موقفها من القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فوقفت في صف الظلم تسانده وتذود عنه وتحارب حركات الإصلاح! وكانت في ذلك منطقية مع وضعها باعتبارها من كبار الملاك!

فهل كان يمكن -عقلًا- أن تحارب الإقطاع وهي جزء منه، بل من أكبر ممثليه؟!

ولقد بدأت أوروبا تتململ من رقدتها -بعد احتكاكها بالعالم الإسلامي- وتطلب الإصلاح.

وقد كان احتكاكها بالعالم الإسلامي عن طريقين عظيمين وشديدي التأثير: أحدهما الاحتكاك السلمي بطلب العلم في مدارس المسلمين في الأندلس والشمال الإفريقي وصقلية وغيرها من الأماكن القريبة من أوروبا، والآخر الاحتكاك الحربي في الحروب الصليبية في المشرق الإسلامي.

وفي كلا الاحتكاكين تفتحت عيون أوروبا على عالم مختلف كل الاختلاف عن عالمها، لا من ناحية العلم والحضارة فقط، بل من حيث القيم والمبادئ وآفاق الحياة وآفاق التفكير.

فأما العلم فمعروف أن أوروبا بدأت نهضتها بالتتلمذ على علوم المسلمين.. ودعك من المكابرة الأوروبية المغرورة التي تقول إن المسلمين لم يكن لهم فضل في ذلك إلا الاحتفاظ بعلوم الإغريق في الفترة التي غفلت فيها أوروبا عنها في عصورها المظلمة، فلما استيقظت أوروبا -كأنما استيقظت من ذات نفسها!! - استردت بضاعتها القديمة وانطلقت -منها- تبني حضارتها!

طور بواسطة نورين ميديا © 2015