وهم غافلون عنه، إذا أراد أن يهدي البشرية غدا إلى الدين الحق، فقد قال يحذر المسلمين من قبل:
{وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ} 1.
فإذا أراد الله للبشرية الهدي فسيقيض لهذا الدين من يحمله وينافح عنه كما قال سبحانه:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} 2.
وإنا لنرى بواكير هذا الفضل الرباني في حركات البعث الإسلامي التي تنبعث اليوم من كل مكان في الأرض، تسعى إلى تحقيق الإسلام في الواقع، وتجاهد في سبيل الله لا تخاف لومة لائم، وتتعرض لأبشع ألوان التعذيب الوحشي، ثم تظل صامدة في سعيها إلى إقامة هذا الدين في الأرض كما أمر الله. كما نرى بواكير هذا الفضل فيمن يدخلون في هذا الدين في أوروبا وأمريكا من البيض والسود بعشرات الألوف ويتزايدون على الدوام.
أما البشرية فقد بدأت طلائعها على الأقل تضيق بالضياع والحيرة وتتلمس الطريق إلى النور، والنور هو دين الإسلام.
يقول "توينبي" في محاضرته التي أشرنا إليها من قبل:
"صحيح أن الوحدة الإسلامية نائمة، ولكن يجب أن نضع في حسابنا أن النائم قد يستيقظ إذا ثارت البروليتاريا العالمية للعالم المتغرب3 ضد السيطرة الغربية ونادت بزعامة معادية للغرب. فقد يكون لهذا النداء نتائج نفسانية لا حصر لها في إيقاظ الروح النضالية للإسلام، حتى ولو أنها نامت نومة أهل الكهف، إذ يمكن لهذا النداء أن يوقظ أصداء التاريخ البطولي للإسلام".
وهناك مناسبتان تاريخيتان كان الإسلام فيهما رمز سمو المجتمع الشرقي في انتصاره على الدخيل الغربي: