كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} 1.
{وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} 2.
{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} 3.
ولن يكونوا شهداء على الناس يوم القيامة حتى يؤدوا الشهادة في الدنيا لهذا الدين، بإقامته في الأرض كما أمر الله، والدعوة إليه كما أمر الله، فتقوم الحجة على الناس إن قبلوه فقد اهتدوا، وإن أعرضوا فقد أعذرت الأمة الإسلامية إلى ربها. ويوم القيامة يشهدون على الناس أمام ربهم، لقد أقمنا الدين في الأرض كما أمرتنا، ودعونا الناس إليه كما أمرتنا فأعرضوا فحق عليهم الجزاء.
والمسلمون اليوم في حضيض من الذلة والهوان والضعف والتخلف لم يهبطوا إلى مثله في تاريخهم كله بسبب تخلفهم عن هذا الدين، وإضاعة عقائده وأحكامه، والغفلة عنه، والتفريط فيه.
ولكنهم يحملون مسئوليتهم مع ذلك، مسئوليتهم نحو أنفسهم، ومسئوليتهم نحو البشرية، لا يعفيهم منها كل ما وقعوا فيه من الهوان والذلة، بل إن ذلك كله ليضاعف مسئوليتهم، فإنهم ما وقعوا فيه إلا لتفريطهم في هذا الدين الذي قال الله فيه:
{فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ، وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ} 4.
فماذا هم قائلون لربهم غدا حين يسألهم؟!
وأي وزر يحملونه إذا احتاجت إليهم البشرية غدا فلم تجدهم في المكان الذي ينبغي أن يكونوا فيه، مكان الأمة التي تحمل الهدي الرباني وتبينه للناس؟!
فأما الله سبحانه وتعالى فلن يعجزه تخاذل الذين يحملون اسم الإسلام اليوم