وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} 1.
{وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا} 2.
ولن يكون هذا الدين إلا الإسلام، فهو عند الله هو الدين:
{إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} 3.
وهو الذي تمت به نعمة الله على البشر واكتمل به شرع الله ومنهجه:
{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} 4.
وهو الذي يشهد واقعه -وقت أن طبق في عالم الواقع- أنه أنشأ تلك الحضارة "الإنسانية" المتكاملة التي شملت كل جوانب الحياة وكل جوانب النفس البشرية، والتي كانت للإنسانية كلها نورا وهداية، والتي استمدت منها أوروبا العلم والحضارة حين انبعثت -بعد احتكاكها بالمسلمين- تطلب النهوض.
وحين تعنتق أوروبا هذا الدين فلن تحتاج أن تتخلى عن شيء من تقدمها العلمي والمادي والتكنولوجي، ولا شيء من عبقريتها التنظيمية، ولا شيء من جلدها الدءوب على العمل والإنتاج، وهي العوامل التي حفظت لها بقاءها حتى هذه اللحظة، وإن كانت -كما أشار جون فوتسر دالاس- لا تستطيع أن تحميها من الدمار الحتمي الذي يجره عليهما غياب "الروح".
كلا! لا تحتاج أن تتخلى عن شيء من ذلك، إنما تحتاج فقط أن تقيم ذلك كله على قاعدته الصحيحة وهي الإيمان بالله وتطبيق منهجه في الأرض، كما تحتاج أنت تتخلى عن عبوديتها للمادة وعبوديتها للشهوات.
والمسلمون بطبيعة الحال يحملون المسئولية الكبرى في هذا الشأن، فهم الذين أخرجهم الله ليكونوا هداة البشرية في الحياة الدنيا، والشاهدين عليها يوم القيامة: