ولكن تخوف هذه القلة القليلة من "العقلاء" في خضم الجاهلية المجنونة لن ينقذها من الدمار إلا أن تصيخ لصوت العقل وتعود إلى الله!

ولقد كان الدين الذي انسلخت منه الجاهلية المعاصرة دينا فاسدا؛ لأنه من صنع البشر ... دينا لا يصلح للحياة. ولقد كانت -وهي تنسلخ منه- على مشارف الرشد.. ولكنها ضلت الطريق..

وعلى البشرية اليوم -إن أرادت النجاة من الهاوية المحتومة- أن تبحث عن الدين الحق. الدين الذي يؤمن العقيدة الصحيحة في الله، والمنهج الصالح للحياة.

الدين الذي لا يوجد فصاما مصطنعا بين الإيمان بالغيب والإيمان بالمحسوس، بين الإيمان بالعقيدة والإيمان بالعلم، بين نشاط الروح ونشاط الجسد، بين الدنيا والآخرة، بين العمل والعبادة، بين التقدم المادي والحضارة والالتزام بالقيم "الإنسانية".. ولا بين أي جانب من الكيان البشري السوي وجانب آخر.

الدين الذي يقيم حضارة "إنسانية" متكاملة؛ لأنه يأخذ الإنسان كله ولا يهمل جانبا منه، لا يهمل قبضة الطين من أجل إشراقة الروح، ولا يهمل إشراقة الروح من أجل قبضة الطين، ولا يهمل عمارة الأرض في جميع جوانبها وأشكالها من أجل الفوز بالخلاص في الآخرة. ولا يهمل أمر الخلاص في الآخرة من أجل عمارة الأرض. لا يهمل المشاعر الدينية الشفافة الرفيعة المرفرفة من أجل النظر العلمي والتجربة العلمية. ولا يهمل النظر العلمي والتجربة العلمية من أجل شفافية المشاعر الدينية. لا يهمل القيم الخلقية من أجل "النجاح" في الأرض، ولا يهمل النجاح في الأرض من أجل القيم الخلقية.

الدين الذي يؤمن العدل السياسي والعدل الاجتماعي والعدل الاقتصادي، والذي يؤمن في الوقت ذاته التجدد والنمو في الحياة البشرية.

الدين الذي ينشئ الحضارة التي تليق بالإنسان الذي صوره الله في أحسن صورة، وكرمه وفضله على كثير ممن خلق:

{اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَرَارًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015