كلا! وما تستطيع البشرية أن تستمر في الحياة على هذه الصورة.
فمن ناحية تظل أمراضها الرئيسية تتضاعف؛ لأنها تعرض عن تناول الدواء.
ومن ناحية أخرى تصيبها السنة الحتمية التي لا تتبدل ولا تتخلف ولا يتغير مجراها على مر الدهور:
{فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ، فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} 1.
ولقد مضت السنة الربانية مع أوروبا في جاهليتها المعاصرة خطوة خطوة: نسوا ما ذكروا به ففتح عليهم أبواب كل شيء، من قوة اقتصادية وعلمية وتكنولوجية وعسكرية وسياسية.. إلخ ففرحوا بما أتوا، أي: طغوا في الأرض بغير الحق، ولم تبق إلا الخطوة الأخيرة حتى تتم السنة بتمامها. وهي أخذهم بغتة إذا أصروا على ما هم فيه. والبغتة هي دائما بغتة وإن رأى بعض الناس بوادرها وتوقعوا حدوثها.
{أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ، أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ، أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ} 2.
و"العقلاء" في الجاهلية المعاصرة بدءوا يتخوفون على أقوامهم من الدمار المؤكد إن لم يغيروا حياتهم من قواعدها.
قال الفيلسوف الإنجليزي المعاصر "برتراند راسل" في تصريح له:
"لقد انتهى العصر الذي يسود فيه الرجل الأبيض.. وبقاء تلك السيادة إلى الأبد ليس قانونا من قوانين الطبيعة3 وأعتقد أن الرجل الأبيض لن يلقى أياما رضية كتلك التي لقيها خلال أربعة قرون ... "4.
وقال "جون فوستر دالاس" وزير خارجية أمريكا في كتاب "حرب أم سلام":