المكان المناسب بالضبط، ولعلها لا تدري أن صغارها حين تفقس يمكنها أن تتغذى دون أن تقتل الحشرة التي هي غذاؤها فيكون ذلك خطرا على وجودها. ولا بد أن يكون الدبور قد فعل ذلك من البداية وكرره دائما، وإلا ما بقيت زنابير على وجه الأرض.. والعلم لا يجد تفسيرا لهذه الظاهرة الخفية: ولكنها مع ذلك لا يمكن أن تنسب إلى المصادفة".
"وإن أنثى الدبور تغطي حفرة في الأرض أو ترحل فرحا ثم تموت، فلا هي ولا أسلافها قد فكرت في هذه العملية وهي لا تعلم ما يحدث لصغارها، أو أن هناك شيئا يسمى صغارا، بل إنها لا تدري أنها عاشت وعملت لحفظ نوعها"1.
"وفي بعض أنواع النمل يأتي العملة بحبوب صغيرة لإطعام غيرها من النمل في خلال فصل الشتاء، وينشئ النمل ما هو معروف "بمخزون الطحن" وفيه يقوم النمل الذي أوتي فكاكا كبيرة معدة للطحن، بإعداد الطعام للمستعمرة. وهذا هو شاغلها الوحيد. وحين يأتي الخريف, وتكون الحبوب كلها طحنت فإن "أعظم خير لأكبر عدد" يتطلب حفظ تلك المئونة من الطعام، وما دام الجيل الجديد سينتظم كثيرا من النمل الطحان. فإن جنود النمل تقتل النمل الطاحن الموجود, ولعلها ترضي ضميرها الحشري بأن ذلك النمل قد نال جزاءه الكافي، إذ كات له الفرصة الأولى في الإفادة من الغذاء أثناء طحنه".
"وهناك أنواع من النمل تدفعها الغريزة أو التفكير "واختر منهما ما يحلو لك" إلى زرع أعشاش للطعام فيما يمكن تسميته "بحدائق الأعشاش" وتصيد أنواعا معينة من الدود والأرق أو اليرق، "وهي حشرات صغيرة تسبب آفة الندوة العسلية" فهذه المخلوقات هي بقر النمل وعنزاتها! ومنها يأخذ النمل إفرازات معينة تشبه العسل ليكون طعاما له".
"والنمل يأسر طوائف منه ويسترقها. وبعض النمل حين يصنع أعشاشه يقطع الأوراق مطابقة للحجم المطلوب.. وبينما تضع بعض عملة النمل الأطراف في مكانها، وتستخدم صغارها -التي تقدر أن تغزل الحرير وهي في الدور اليرقي- لحياكتها معا, وربما حرم طفل النمل عمل شرنقة لنفسه ولكنه قد خدم الجماعة".