هكسلي إنه قد آن للإنسان أن يأخذ على عاتق نفسه ما كان يلقيه من قبل في عصر الجهل والعجز على عاتق الله، ومن ثم يصبح هو الله.
{يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآَخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ} 1.
ونحب أن نضيف إلى ذلك أن الإنسان السوي يعلم أن ما يحققه من تسخير طاقات السموات والأرض ليس "اغتصابا" من الإله كما تصور ذلك الأساطير الإغريقية المجنونة، حتى يكون مبررا للخروج على طاعة الله، بله التبجح بإنكار وجود الله كما تفعل الجاهلية المعاصرة، إنما هو من قدر الله للإنسان، ومن رحمة الله بالإنسان, ومن فضل الله على الإنسان؛ لأنه هو الذي سخره ابتداء للإنسان، ثم أعانه على تحقيقه:
{وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ} 2.
{وَعَلَّمَ آَدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا} 3.
{وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} 4.
{هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ} 5.
{اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهَارَ، وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ، وَآَتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ} 6.
وأخيرا، فنحن نزعم أن الدين من الفطرة، وهم يزعمون أنه طلل بال ينبغي أن تزال آثاره، ليحل محله "العلم" و"الإلحاد".
ونحن نستشهد عليهم من أنفسهم كما أشرنا من قبل.