مضطرون إلى صوغها صياغة مادية حتى نفكر فيها" فنحن كما يقول برجسون ماديون بالطبع. فقد ألفنا التعامل مع المادة والأمور الميكانيكية، ولذا لم ننصرف عنها كي ننظر في أنفسنا فإننا نتصور كل شيء كآلة مادية. ومع ذلك فإن أوستولد "Ostwald" يصف المادة على أنها صورة من الطاقة وحسب.
ويرد رذرفورد الذرة إلى وحدات الكهرباء الموجبة والسالبة، ويعتقد لودج أن الالكترون لا يشتمل على نواة مادية أكثر من شحنته. ويقول ليبون ببساطة: "المادة صورة مختلفة من الطاقة" ويقول ج. ب. س. هالدين: "يعتبر بعض الناس من أقدر المفكرين في العالم اليوم المادة كمجرد ضرب خاص من الاضطراب التموجي". ويقول إدنجتون: "إن المادة مركبة من بروتونات والكترونات، أي: شحنات موجبة وسالبة من الكهرباء، فاللوح هو في الحقيقة مكان فارغ مشتمل على شحنات كهربية مبعثرة هنا وهناك" ويقول هوايتهيد: "إن مفهوم الكتلة في طريقه إلى فقدان امتيازه الوحيد، باعتبارها المقدار الواحد الدائم في النهاية.. فالكتلة الآن اسم لكمية من الطاقة في علاقتها ببعض آثارها الديناميكية". وإلى هذه المرتبة الوضيعة سقط الجبار ورجعنا إلى بوسكوفيتش "رضي الله عنهoscovich"1 الجزويتي القديم، إلى تلك العبارة غير المفهومة: من أن المادة التي تشغل "المكان" مركبة من نقط لا وجود لها! وفي ذلك يقول نيتشه: "لقد كان بوسكوفيتش وكوبرنيق حتى الآن أعظم خصمين وأكثرهما نجاحا في دحض شهادة العيان". فلا غرابة أن يستنتج ديوي أن "مفهوم المادة الذي يوجد بالفعل في تطبيق العلم لا يمت بصلة إلى مادة الماديين"".
"أيمكن أن يكون شيء أكثر غموضا وغرابة من هذا القول الذي يقوله علماء الطبيعة من أن "المادة" بمعنى "الجوهر المتحيز" Spatial قد بطلت عن الوجود؟ فهم يقولون إن الالكترونات ليس فيها شيء من خصائص المادة، فهي ليست صلبة، ولا سائلة، ولا غازية، وهي ليست كتلة، أو صورة، وانحلالها إلى نشاط إشعاعي يلقي شكوكا على أعز عقيدة في العلم الحديث، أي: عدم قابلية المادة للفناء ... ولنسمع رأي أحد علماء الطبيعة مرة أخرى "إن عناصر الذرات التي تنحل تفنى تماما، فهي تفقد كل صفة للمادة، بما في ذلك الثقل وهو أكثر