في مثل هذا الخمود لا يمكن أبدا أن تفسر الحركة، ومن باب أولى لا تحدث الحياة والعقل. ولكن رجال الطبيعة مع ذلك، كما كتب برجسون، كانوا في سبيلهم إلى هجر تصور المادة خامدة. وإلى الكشف فيها عن حيوية لا ريب فيها. فهذه مثلا الكهرباء لا يمكن تفسيرها في صيغ من الخمود والذرات. فما هذه القوة الخفية التي تضاف إلى الكتلة فتزيد في طاقتها ولكنها لا تضيف شيئا إلى أبعادها وثقلها؟ وكيف تسري الشحنة الكهربية في سلك أو في الهواء اللاسلكي؟ أهي شيء يتحرك في داخل السلك والذرات؟ فهناك إذن ذرات أصغر من الذرات؟ وما الذي يتحرك في تلك الموجات الكهربية التي تكاد تبلغ في سرعتها سرعة الضوء نفسه؟ أهي الذرات؟ أو "الأثير" أو لا شيء؟ وفي أشعة إكس، عندما تمر شرارة كهربية في فراغ باعثة أشعة تنفذ من جدران الأنبوبة وتغير من اللوح الحساس كيمائيا، فما هذا الذي يمر خلال الفراغ أو الجدران؟ وعندما بدت المادة نشيطة لا تفرغ، كما هو الحال في الراديوم، وبدت الذرات "التي لا يمكن أن تنقسم" منقسمة إلى ما لا نهاية، وأصبحت كل ذرة نظاما كوكبيا من الشحنات الكهربية تدور حول شيء لا يزيد جوهره عن شحنة كهربية أخرى ...
فأي مأزق وقعت المادة فيه حين فقدت كتلتها ووزنها وطولها وعرضها وعمقها وعدم قابليتها للنفاد، وسائر تلك الخصائص الثقيلة التي ظفرت باحترام كل مفكر واقعي؟ أكان الخمود أسطورة؟ أيمكن أن تكون المادة حية؟ "1.
"لقد كانت هناك دلائل من قبل على وجود هذه الطاقة في المادة. فالتماسك والتآلف، والتنافر، كانت توحي بها. ويبدو اليوم من المحتمل أن تكون هذه الصفات وكذلك الكهربية والمغناطيسية صورا من "الطاقة الذرية" وهي ظواهر ترجع إلى حركات الالتكرونات الدائبة في الذرة.. ولكن، ما الالكترون؟ أهو جزء من "المادة" يظهر في ثوب من الطاقة؟ أو هو مقدار من الطاقة منفصل تمام الانفصال عن أي جوهر مادي؟ ولا يمكن أن نتصور الفرض الأخير! ويقول ليبون "قد يمكن ولا ريب لعقل أسمى من عقلنا أن يتصور الطاقة بغير مادة ... ولكن مثل هذا التصور في غير مقدورنا. فنحن لا نستطيع أن نفهم الأشياء إلا بوضعها في الإطار المتشرك لأفكارنا. ولما كانت ماهية الطاقة مجهولة فنحن