"ولنسلم أنفسنا في الحال لإخفاق ما مناص منه. لا لأن هذا الباب من الفلسفة يحتاج إلى إتقانه إلى معرفة كاملة ومناسبة بالرياضيات والفلك والطبيعة والكيمياء والميكانيكا وعلم الحياة وعلم النفس فقط، بل لأنه ليس من المعقول أن نتوقع من الجزء أن يفهم الكل ... فهذه النظرة الكلية -وهي فتنتنا في هذه المغامرات اللطيفة- ستبعد عن فكرنا جميع الفخاخ والمفاتن، ويكفي أن نأخذ أنفسنا بقليل من التواضع وشيء من الأمانة، لنتأكد أن الحياة في غاية من التعقيد والدقة بحيث يصعب على عقولنا الحبيسة إدراكهما، وأكبر الظن أن أكثر نظرياتنا تبجيلا قد يكون موضع السخرية والأسف عند الآلهة العليمة بكل شيء1. فكل ما نستطيع أن نفعله هو أن نفخر باكتشاف مهاوي جهلنا! وكلما كثر علمنا قلت معرفتنا؛ لأن كل خطوة نتقدمها تكشف عن غوامض جديدة، وشكوك جديدة "فالجزيء" يتكشف عن "الذرة" والذرة عن الالكترون "الكهرب" والالكترون عن الكوانتوم" Quantum" "الكويمية" ويتحدى الكوانتوم سائر مقولاتنا "Categories" وقوانينا وينطوي عليهما.
والتعليم تجديد في العقائد وتقدم في الشك، وآلاتنا كما ترى مرتبطة بالمادة وحواسنا بالعقل.. وفي خلال هذا الضباب يجب علينا نحن "الزغب" على الماء، أن نفهم البحر2.
وعن تقلب "العلم" يقول:
"إلى أي نجم بعيد ذهبت نظريتنا السديمية المشهورة؟ هل يؤيدها علم الفلك الحديث أو يسخر من وجهها المغبر؟ ".
"وأين ذهبت قوانين نيوتن العظيم حين قلب أينشتين وميكوفسكي وغيرهما الكون رأسا على عقب بمذهب النسبية غير المفهوم؟
"وأين مكان نظرية عدم فناء المادة وبقاء الطاقة في الفيزيقا المعاصرة، وما يكتنفها من فوضى وتنازع؟ ".
"وأين إقليدس المسكين اليوم، وهو أعظم مؤلف للمراجع العلمية، ليرى كيف يصوغ الرياضيون لنا أبعادا جديدة بحسب أهوائهم، ويبتدعون لا متناهيات يحتوي أحدها الآخر كجزء منه، ويثبتون في الفيزيقيا -والسياسة كذلك- أن الخط المستقيم هو أطول مسافة بين نقطتين؟ ".