إنما الذي أرسل به الرسل جميعا هو "التوحيد":

{فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ} 1.

{اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} 2.

وذلك لتصحيح مسار العقيدة وتقويم الفطرة مما تقع فيه من الضلال، لا لإنشاء العقيدة ابتداء وإثبات وجود الله.

{فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} 3.

نعم.. تعرف الفطرة بذاتها وجود الله، وتتجه إليه بالعبادة منذ أن أخذ الله من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم أنه ربهم..

ولا ندري نحن كيف تم ذلك..

ولكنا نلحظ من أحوال الفطرة مصداق تلك الحقيقة.

هناك منافذ في الفطرة تتلقى إيقاعات من الكون والحياة، فتستيقظ من غفلتها، إن كانت غافلة، فتروح تتساءل: ما وراء ذلك؟ ومن وراء ذلك؟ فتهتدي إلى وجود الله ثم تتصوره على حقيقته، فردا صمدا خالقا رازقا مدبرا مهيمنا.. فتعبده العبادة الحقة وتخلص له العبادة، أو تضل فتتصوره على غير حقيقته، وتشرك معه آلهة آخرى. ولكنها في الحالين تعرف وجوده، وتتوجه إليه بالعبادة على نحو من الأنحاء.

هناك بادئ ذي بدء هذا الكون الهائل، الذي يروع الحس بضخامته المعجزة.

وبغير الأدوات التي استحدثها الإنسان لتزيد بصره حدة، وتجعله ينفذ في آماد الكون المتطاولة التي لا تنفذ إليها النظرة بالعين المجردة، كان الإنسان يحس بضخامة الكون وسعته المعجزة، من رؤية السماء التي لا يحيط بها بصره، ورؤية الشمس والقمر، ورؤية العدد الهائل من النجوم التي يعجز عن إحصائها.. وكان يروعه ذلك كله ويسترعي انتباهه فيظل يفكر فيه، ويتساءل.. أو تتساءل فطرته، من وراء ذلك؟ وماذا وراء ذلك.. فيهتدي إلى الله الحق..أو يضل فيتصور الشمس هي الله، أو القمر هو الله، أو النجم هو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015