إن أشد ما يخشاه أعداء الإسلام من الإسلام هو روح الجهاد الكامنة فيه! وقد مر بنا في الفصل الماضي كلام المستشرق الكندي المعاصر "ولفرد كانتول سميث" الذي يقرر فيه أن أوروبا لا تستطيع أن تنسى الفزع الذي ظلت تزاوله عدة قرون من الفتح الإسلامي، وأن هذا الفزع لا يدانيه شيء في العصر الحديث، ولا فزع أوروبا من استيلاء الشيوعية على تشيكوسلوفاكيا سنة 1948!

وهذا هو المستشرق الأمريكي "روبرت بين Robert Payne يقول في مقدمة كتابه السيف المقدس The Sacred Sword:

"إن لدنيا أسبابا قوية لدراسة العرب والتعرف على طريقتهم، فقد غزوا الدنيا كلها من قبل، وقد يفعلونها مرة ثانية! إن النار التي أشعلها محمد ما تزال تشتعل بقوة، وهناك ألف سبب للاعتقاد بأنها شعلة غير قابلة للانطفاء"!

ولنترك المستقبل لعلم الله. فما ندري ماذا يكون من أمر المسلمين غدا.

ولكنا ننظر إلى الحاضر ذاته فنلمح السبب في فزع أعداء الإسلام من روح الجهاد الكامنة فيه..

إن أوروبا لم تتضخم كما تضخمت اليوم، ولم تصل إلى الرفاهية الناعمة التي تعيش فيها إلا باستعمار العالم الإسلامي ونهب خيراته واستعباد أهله وإخضاعهم لنفوذها، فماذا يكون إذا استيقظت في المسلمين روح الجهاد فطردوا ذلك الاستعمار بكل أنواعه الخفية والظاهرة، العسكري منها والسياسي والاقتصادي، واستردوا سيادتهم على أرضهم وأرواحهم وأفكارهم وضمائرهم؟!

ماذا يحدث لأوروبا لو تم ذلك؟ ومن أين لها الرفاهية الناعمة التي تعيش فيها اليوم، إذا احتفظ المسلموم بخيراتهم لأنفسهم. أو باعوها لأوروبا بيعا حرا بالسعر الحقيقي الذي تستحقه في التجارة الحرة المتكافئة؟ ومن أين لها التضخم الذي تمارسه اليوم، سواء التضخم العسكري أو العلمي أو المادي، إذا انحسرت مواردها وكسدت بضاعتها التي توزعها اليوم على "المتخلفين" وتربح فيها بغير حساب؟!

كلا! ما يحب أعداء الإسلام قط أن تستيقظ روح الجهاد الكامنة فيه، ولو لم يتحقق شيء من كلام روبرت بين، الذي يزعج به أعصاب الغرب ليشتدوا في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015