أما في دعوى الإنسانية فالتعبير للترغيب والتحبيب، ومن ثم فهو مهذب لطيف يبتلعه من يبتلعه وهو مسرور. أو قل إنه يبتلعه وهو أشبه بالمخدور.

ولكن هذا وذاك يدعوك في النهاية أن تترك دينك وتواجه الحياة بلا دين. فإذا فعلت ذلك اجتالتك الشياطين!

ولكن إناسا قد يخدعون بدعوى الإنسانية لما فيها من بريق، فيؤمنون بها أو يدعون إليها غافلين عن الحقيقة التي تنطوي عليها. وقد لا يصدقون أصلا أنها دعوة إلى التحلل من الدين يبثها الشياطين في الأرض لأمر يراد.

فلنصدق -مؤقتا- أنها دعوى مخلصة للارتفاع بالإنسان عن كل عصبية تلون فكره أو سلوكه أو مشاعره، ليلتقي بالإنسانية كلها لقاء الصديق المخلص الذي يحب الخير للجميع ...

فلنصدق ذلك في عالم المثل.. في عالم الأحلام.. فما رصيد هذه الدعوى في عالم الواقع؟!

ما رصيدها في العالم الذي تجتاحه القوميات من جانب.. والعصبيات العرقية والدينية والسياسية والاجتماعية من كل جانب؟

فلنأخذ مثالا واحدا من العالم المعاصر.. من المعاملة التي يلقاها المسلمون في كل مكان في الأرض يقعون فيه في حوزة غير المسلمين، أو في دائرة نفوذهم من قريب أو من بعيد ...

فلننظر إلى "الإنسانية" التي يعاملون بها "والحماسة" التي يقابلون بها، "وسعة الصدر" و"حب الخير" الذي ينهال عليهم من كل مكان!

خذ مثال الحبشة..

يبلغ المسلمون فيها 55% على الأقل من مجموع السكان وذلك قبل ضم أريتريا -عنوة- إليها، وأريتريا كلها مسلمون، فكيف تعاملهم الدولة المسيحية المتسلطة عليهم؟

لا يوجد في الدولة وزير مسلم واحد يمثل أغلبية السكان! ولا موظف واحد من كبار الموظفين! ومدارس الدولة لا تعلم القرآن لأبناء المسلمين ولا تلقنهم مبادئ دينهم1، وحين يفتح المسلمون "كتاتيب" لتعليم القرآن لأبنائهم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015