والحمار الآدمي هو ذلك الذي خلع عقيدته على الباب كما يخلع نعليه.. ودخل، حيث أريد له أن يدخل.. بلا دين ومن ثم بلا أخلاق!
وفي القديم، حين كان الدين قويا لا يقوون على مواجهته، لم يكونوا يجرءون على التلفظ بمثل هذه العبارة، بل كانوا ينافقون ليصلوا إلى أغراضهم من "إغواء" الآخرين.
{وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آَمَنُوا قَالُوا آَمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ} 1.
{وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آَمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آَخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} 2.
ولكنهم اليوم آمنون، فلا حاجة بهم إلى التظاهر بالإيمان بما أنزل على المؤمنين، بل إنهم لينشرون الإلحاد اليوم بجسارة في كل الأرض، ولكنه بضاعة للتصدير فقط! يصدرونها للأمميين لإغوائهم عن الدين، ولكن لا يستخدمونها بين أنفسهم، فالهدف الأخير من التخطيط كله هو محو كل دين لدى الأمميين، لكي يبقى اليهود وحدهم في الأرض أصحاب الدين! وهم على جبلتهم لا يغيرونها.. يتظاهرون أمام الناس بشيء، فإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا: إنا معكم إنما نحن مستهزئون!
وهزأة اليوم هي هذه الدعوة: "اخلع عقيدتك على الباب كما تخلع نعليك! " فإذا صدقها الأمميون وخلعوا عقيدتهم كما يخلعون نعالهم، فرك الشياطين أيديهم سرورا حين يخلو بعضهم إلى بعض، وقال بعضهم لبعض: إنا معكم، ما نزال على دين الشياطين.. إنما نحن نهزأ بالأمميين!
والفارق بين دعوى الإنسانية ودعوى الماسونية ضئيل..
الفارق أنه في تعبير الماسونية الخشن المتوقح يوضع الدين جنبا إلى جنب مع النعال؛ لأن المقبل على الماسونية لا يبقل عليها إلا وقد خلع دينه بالفعل أو أوشك على خلعه، فالكلمة الخشنة لا تؤذيه، بل قد تكون منه موضع ترحيب! فهي كلمة للتوكيد.. وقد تكون للتهديد! تهديد من بقيت في قلبه بقية خفية من بقايا الدين.. فليتنبه وليخلعها قبل الدخول!