الجاد- فقط سلط عليه "التغريب" يقتلعه من إسلامه ومن روح الجهاد الإسلامية، وسلطت عليه السينما والإذاعة والمسرح والقصة والصحيفة والشواطئ العارية، كلها تصب الميوعة في نفسه وتصرفه عن الاهتمامات الجادة، وتفسد أخلاقه وتشغله بفتنة الجنس. وفوق انشغال كل بلد بقضاياه ومشاكله الخاصة، وفوق بذر بذور البغضاء بين كل بلد والآخر حتى لا تجتمع كلها على قضية واحدة ولا أمر واحد مشترك.
وفي ظل ذلك قامت الدولة اليهودية بعد مسرحية "الحرب" ثم الهدنة.. ثم الحرب ثم الهدنة الثانية بعد وقوف الجيوش "المتحاربة" عند خط التقسيم المتفق عليه! ولكن أمرا حدث لم يكن على خاطر الصليبيين واليهود.. فوجئوا به جميعا مفاجأة لم تكن في الحسبان. فقد اشترك في القتال فدائيون مسلمون، يحرصون على الموت حرص أعدائهم على الحياة. وحين عركهم اليهود وعرفوا حقيقتهم، كانوا إذا جابهوهم يفرون من مستعمراتهم تاركين أسلحتهم وذخيرتهم ومئونتهم لينجوا بجلودهم!
كانت المفاجأة من جهتين:
فقد كان الصليبيون واليهود يظنون أن الإسلام كله قد شاخ ولم يعد بوسعه أن يخرج مثل هذه العينات من البشر، وكانت المفاجأة الثانية أنهم ظنوا أن مصر بالذات التي عمل الصليبيون على دك معاقلها الإسلامية منذ وقت مبكر, منذ الحملة الصليبية الفرنسية بقيادة نابليون، لا يمكن أن تخرج هذه العينات الصلبة المستميتة في القتال بروح جهاد إسلامية خالصة لا يريدون بذلك جزاء ولا شكورا.
عندئذ تقرر أمران في وقت واحد:
الأمر الأول ضرورة القضاء على حركة البعث الإسلامي التي أخرجت مثل هؤلاء المجاهدين. والأمر الثاني ضرورة إيجاد بديل من الراية الإسلامية التي أخرجت أولئك المقاتلين وتوشك أن تمتد ظلالها من مصر إلى البلاد العربية الأخرى ...
وكان البديل هو "القومية العربية".
يقول جورج كريك "George Kirk" مؤلف كتاب موجز تاريخ الشرق الأوسط "صلى الله عليه وسلم Short History of the Middle صلى الله عليه وسلمast": إن القومية العربية ولدت في دار المندوب السامي البريطاني!!