ولقد كانت بريطانيا قد فكرت من قبل في إيجاد "الجامعة العربية" على مستوى الحكومات, فطار "أنتوني إيدن" وزير الخارجية البريطاني إلى القاهرة عام 1946م ودعا الملوك والرؤساء العرب إلى الاجتماع به هناك، وعرض عليهم في الاجتماع فكرة إنشاء الجامعة العربية في القاهرة لتتبنى قضايا العرب وتدافع عن مصالحهم!! ولكن ذلك لم يكن كافيا، فقد كان لا بد من رفع راية "القومية العربية" على مستوى الجماهير!

فلما ورثت أمريكا بريطانيا وفرنسا بعد الحرب وبسطت نفوذها على "الشرق الأوسط"1 أقامت -عن طريق الانقلابات العسكرية- زعامات كاملة تدافع عن "القومية العربية" في الوقت الذي تحارب فيه الإسلام والمسلمين! وقالت الدعاية -التي أقامتها أمريكا وإسرائيل- إن أمريكا وإسرائيل لا تخشيان شيئا خشيتهما للقومية العربية. ولا تخشيان أحدا خشيتهما لزعيم القومية العربية!

وفي ظل القومية العربية التي أقامتها الصليبية العالمية، توسعت إسرائيل وتوسعت حتى توشك أن تبتلع فلسطين كلها.. وتتطلع إلى المزيد!

لقد كانت "القومية" التي صدرت إلى العالم الإسلامي هي القومية المأكولة لا القومية الآكلة التي قامت في أصلها هناك!

ليس هنا مجال التفصيل للظروف التي أحاطت "بالمسلمين" وأدت بهم إلى هذا الضياع كله وهذا الهوان.. إنما نقول في ختام هذا الفصل إن الإسلام لا يعرف تلك الدعاوى الزائفة التي روجها أعداء الإسلام بغية القضاء عليه، وتشربها "المسلمون" في غفلتهم، غافلين عما فيها من السموم.

إن الإسلام لا يغير انتماء الناس إلى أرضهم ولا شعوبهم ولا قبائلهم؛ لأن هذا أمر مادي حسي واقع لا سبيل إلا تغييره، فالذي يولد في الأرض المصرية مصري بحكم مولده والذي يولد في الأرض العراقية عراقي بحكم مولده، والذي يولد في الأرض الباكستانية باكستاني بحكم مولده.. وهكذا.

ولكن الإسلام ينكر أن تكون صلة التجمع شيئا غير الإسلام! غير العقيدة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015