ومنذ تلك اللحظة إلى هذا اللحظة، تجتمع أمريكا الرأسمالية الإمبريالية التوسعية الرجعية، وروسيا الشيوعية العقائدية التقدمية على الوقوف في صف إسرائيل وعدوانها المستمر الذي لم ينقطع. ضد العرب والمسلمين!
ثم تختصم روسيا وأمريكا في كل شيء عدا ذلك، ففي أي شيء تختصمان؟! على إقامة الحق والعدل في الأرض؟!
على تقرير حرية الشعوب في اختيار مصيرها؟!
كذلك تقول الدعاية المستمرة من الجانبين.. ولكن ما حقيقة الواقع؟
ما الذي يحدث حين تمس المصالح القومية لأمريكا أو لروسيا.. أو يقف حائل دون "التوسع" و"السيطرة" و"السلطان"؟!
إنهما تختصمان على توزيع "مناطق النفوذ" في العالم. أي: تختصمان على توزيع "المستضعفين في الأرض" هل يكونون في هذا المعسكر أم ذاك المعسكر. وكلتاهما لا تسمح لأحد من "الخاضعين لنفوذها" أن يتحرر ويقرر لنفسه مصيره.
كيف فعلت روسيا في المجر حين أرادت الأخيرة أن تختار مصيرها بنفسها وترجع عن الشيوعية عام 1956م؟ كيف هدمت الدبابات الروسية البيوت على أصحابها تأديبا لهم على تجرؤهم على هذا العمل الشنيع الذي ارتكبوه؟
وكيف فعلت حين أراد العمال في بولندا، الذين تزعم الشيوعية أنها قامت لتحريرهم ورد الحقوق المغتصبة إليهم.. كيف فعلت حين أراد هؤلاء العمال أن يعلنوا أن الشيوعية لم تحقق مطالبهم، ولم ترد إليهم إنسانيتهم الضائعة، وأنهم في ظلها مقهورون مظلومون مسحوقون، وأن لهم "مطالب" يريدون تحقيقها في مقدمتها ممارسة الحرية، والمشاركة في إدارة دفة الأمور؟!
أما أمريكا ودورها الاستعماري، ودور أجهزتها الخفية في نشر الفساد في الأرض عن طريق الانقلابات العسكرية، التي يختار أصحابها من غلاظ الأكباد قساة القلوب المرضى بجنون العظمة المتعطشين إلى السلطة لينفذوا لها مخططاتها في إذلال الشعوب وجرها إلى العبودية، فأمر غني عن البيان وإن كان الذي يغيب عن أذهان كثير من الناس مداراة كل من المعسكرين على عميل المعسكر الآخر ومده بالمساعدة حين يكون دوره هو تذبيح المسلمين والقضاء على حركات البعث الإسلامي!